التصنيف: قصص قبل النوم للأطفال

  • قصة الأرنب الكريم والشجرة العجيبة

    هل تعرفون يا أعزائي الصغار قصة الأرنب الكريم الذي آثر أصدقاءه عن نفسه وأولاده وأنقذهم من الموت جوعًا؟ حسنًا سوف أرويها لكم بكل سرور… تعالوا معي.

    قصة الأرنب الكريم والشجرة العجيبة

    ذات مرة.. وفي إحدى الغابات البعيدة كان يعيش هناك أرنبٌ طيب مع عائلته في جحر صغير، وكانت هذه العائلة الصغيرة تعيش سعادة مطلقة باللهو واللعب وسط المروج والأعشاب الخضراء.

    وذات يوم من أيام الشتاء القارصة اشتد البرد، وهطلت الثلوج وبدأ الصقيع يغطي أرجاء الغابة بأكملها، وأصبحت الغابة موحشة وخالية من الحيوانات والطيور، فالجميع في منازلهم مختبئين من قساوة الطقس وقوة الرياح.

    وفي هذه الأثناء كان الأرنب الطيب وعائلته الصغيرة يشعرون بالجوع الشديد، وبعد عدة محاولات للأرنب في البحث عن الطعام قريبًا من جحره، لم ينجح في ذلك، فالغابة قد غلب عليها الصقيع ولم يبقى فيها شيئًا يصلح للأكل.

    جلس الأرنب في بيته وهو يسمع شكوى أطفاله الجياع، فقال لزوجته: يجب أن أجد طريقة لأحضر فيها الطعام لكِ ولأطفالنا الصغار، لذا سوف أذهب في الصباح إلى الغابات المجاورة بحثًا عن شيئ يسد رمقنا ريثما تنتهي هذه العاصفة الثلجية.

    فقالت له زوجته: ولكنني أخشى عليك من البرد القارس، ومن الحيوانات الضارية التي قد تفترسك بعد جوعها الطويل.

    الأرنب: لا تقلقي عليَّ يا عزيزتي، سوف أنتبه إلى نفسي جيدًا وأعود إليكم ومعي الطعام الشهي بإذن الله.

    وبالفعل… ما أن بزغ نور الفجر إلا وكان الأرنب الطيب قد حمل حقيبته وغادر منزله بحثًا عن الطعام لعائلته وسط الرياح والثلوج والصقيع، وأخذ يتعثر تارة ويمشي ويقفز تارة أخرى إلى أن ابتعد كثيرًا عن جحره وغابته.

    وأثناء بحثه في أحد الغابات المجاورة رأى من بعيد شجرة كبيرة محملة بالتفاح الأحمر اللذيذ.

    طار الأرنب فرحًا وركض مسرعًا نحو الشجرة وأخذ يقطف التفاح ويضع في حقيبته، واستمر في القطف إلى أن امتلأت حقيبته بتلك التفاحات الحمراء الشهية.

    عاد الأرنب أدراجه بفرحة عارمة جعلته ينسى قساوة الطقس وقوة الرياح، وفي طريقه صادف سلحفاة عجوز تمشي بصعوبة وبطىء فوق الصقيع.

    فقال لها الأرنب: مرحبًا أيتها السلحفاة… ما الذي أتى بك إلى هنا في هذا الطقس البارد؟

    أجابته السلحفاة: خرجت أبحث عن شيء لآكله، فأنا مريضة وجائعة جدًا ولم أتذوق الطعام منذ يومين.

    شفق الأرنب عليها، وقال لها: لا بأس عليك أيتها السلحفاة.. خذي بعضًا من هذه التفاحات اللذيذة، إنها تكفيك لبضعة أيام ريثما تنتهي هذه العاصفة.

    شكرت السلحفاة العجوز ذلك الأرنب الكريم وعادت فرحة هي الأخرى لحصولها على بعضًا من الطعام كي تسد رمقها فيه.

    وقبل أن يقترب الأرنب الطيب من الوصول إلى غابته صادف خروف كبير يمشي ويتعثر فوق الصقيع من ثقل وزنه وكبر حجمه.

    فقال له الأرنب: لم أنت هنا يا صديقي الخروف؟ هل تبحث عن الطعام أنت أيضًا؟

    أجابه الخروف بصوت حزين: أجل يا صديقي.. إن زوجتي وأطفالي جياع ولم أجد ما أطعمهم إياه منذ أن بدأت هذه العاصفة.

    حزن الأرنب الطيب على صديقه الخروف، وتذكر زوجته وأطفاله وهم يتضورون جوعًا.

    وقال للخروف: لا عليك يا صديقي سوف أتقاسم معك هذه التفاحات اللذيذة، خذهم واذهب إلى بيتك لتطعم أطفالك وزوجتك، وتُسعد برؤيتهم وهم يأكلون ويشبعون.

    شكر الخروف الأرنب على كرمه وحسن معاملته، ومضى كلًا منهم في طريق.

    وبينما كان الأرنب في طريقه إلى الجحر حصل ما لم يتوقعه على الإطلاق.

    فقد كانت حقيبة الأرنب التي يحملها بالية ومهترئة، لذا تساقط ما تبقى من التفاح في الطريق واحدة تلو الأخرى دون أن يشعر الأرنب أو ينتبه لذلك.

    وقبل وصول الأرنب المسكين إلى جحره لاحظ أن حقيبة التفاح بدت أخف وزنًا، ففتحها مستغربًا، وإذ بها خالية من التفاح تمامًا، ولم يتبقى بها ولا حتى تفاحة واحدة.

    حزن الأرنب الطيب حزنًا شديدًا وجلس بجانب شجرة كبيرة في حالة يرثى لها وهو يتحدث مع نفسه ويقول: يا إلهي ماذا أفعل الآن؟.. لم تعد قواي تساعدني على أن أذهب مرة أخرى لأقطف المزيد من التفاح في هذا البرد القارص، ولا يمكنني أيضًا أن أذهب إلى البيت وأنا خالي اليدين وزوجتي وأطفالي ينتظرون مني أن أحضر لهم الطعام بفارغ الصبر… يا رب ساعدني.. ماذا عساي أن أفعل؟

    وبينما كان الأرنب جالسًا حزينًا يضرب أخماسه بأسداسه سمع صوتًا يناديه: أنت أيها الأرنب الطيب… لا تقلق سوف أساعدك…

    ارتعد الأرنب خوفًا، وأخذ يتلفت حوله ولكنه لم يرى أحدًا في المكان، وظن نفسه أنه يهذي واستمر بالجلوس قرب الشجرة الكبيرة وهو يفكر.

    وبعد بضع دقائق عاد ذاك الصوت الغريب الذي ناداه قبل قليل قائلًا: أيها الأرنب الكريم أنظر إلي، أنا الشجرة التي تجلس بجانبها.

    وقف الأرنب مندهشًا وقال لها: ماذا تريدين مني أيتها الشجرة.

    أجابته الشجرة: لقد حدثني عنك أصدقائي الطيور، وأخبروني عن طيبتك وأخلاقك النبيلة عندما قدمت الطعام للسلحفاة والخروف، وكيف تمزقت حقيبتك وفقدت كل ما تبقى من التفاح اللذيذ.

    دهش الأرنب كثيرًا وقال للشجرة: كلامك صحيح أيتها الشجرة وهذا ما حصل معي بالضبط، والآن أنا في مأزق كبير ولا أدري ماذا أفعل.

    أجابته الشجرة: لا تقلق أيها الأرنب الكريم… أنا سوف أساعدك.

    الأرنب: أحقًا سوف تساعدينني أيتها الشجرة الطيبة؟.. ولكن كيف لك ذلك؟

    الشجرة: أنا أمتلك أغصانًا سحرية تفعل لي ما أشاء، وسآمرها الآن أن تطرح لك بعضًا من الفاكهة اللذيذة لتقطف منها ما شئت.

    وما أن أنهت الشجرة كلامها إلا ورأى الأرنب أغصان الشجرة محملة بما لذ وطاب من أنواع الفاكهة المختلفة.

    ذهل الأرنب لما رآه من تلك الشجرة العجيبة، وظن نفسه وكأنه يحلم.

    فقالت له الشجرة: ليس لديك متسع من الوقت كي تتفاجأ وتفكر، فأغصاني الخضراء سوف تعود يابسة كما كانت بعد بضع دقائق، لذا لا تضيع الوقت بالتفكير وسارع بقطف الثمار.

    خلع الأرنب وشاحه وبدأ يقطف الثمار الشهية من الشجرة ويضعها في الوشاح، وبعد ما امتلأ بالأنواع المختلفة من الثمار عاد الأغصان إلى ما كانت عليه والثلج بدأ يكسوها من جديد.

    شكر الأرنب الشجرة شكرًا جزيلًا وحمل الوشاح بإحكام وانطلق مسرعًا قاصد جحره الصغير.

    وصل الأرنب الكريم إلى جحره أخيرًا، فوجد زوجته وأطفاله ينتظرونه بلهفة شديدة، فقد كادوا أن يموتوا جوعًا.

    أخرج الأرنب الثمار اللذيذة ووضعها أمام زوجته وأطفاله، ثم بدأوا يأكلون ويأكلون وهو ينظر إليهم والفرحة تغمر قلبه.

    وبعد أن شبعوا جميعًا قص على زوجته ما حدث معه في تلك المغامرة العجيبة.

    فقالت له زوجته: حمدًا لله يا زوجي العزيز، لقد كافأك الله بهذه الشجرة العجيبة لأنك كنت طيب القلب كريم النفس مع الآخرين، والخير الذي تمنيته للسلحفاة والخروف عوضك الله به أضعاف مضاعفة، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟

    شكر الأرنب الكريم الله على نعمته وكرمه، وعلَّم أطفاله الصغار أن يكونوا دائمًا عونًا للمساكين والمحتاجين، وأن الله سبحانه وتعالى لا يضيع أجر المحسنين، وعلمهم أيضًا أن من يتمنى الخير لجاره يجده في داره.

  • قصة التاجر الطماع

    سأروي لكم اليوم يا أحبائي الصغار قصة التاجر الطماع والمرأة الأمينة، وهذه القصة تحكي عن التاجر المحتال الذي خسر نقوده وتجارته بسبب طمعه وشجعه.

    قصة التاجر الطماع

    عاش في إحدى المدن البعيدة تاجر محتال عرف عنه الطمع والجشع.

    كما أنه كان بخيلًا للغاية، فلا يحسن إلى الفقراء، ولا يهادي معارفه، إنما همه جمع المال فقط.

    وذات يوم وبينما التاجر قد عاد لبيته بعد عقد صفقة في السوق ربح فيها أربعمئة قطعة ذهبية قد وضعها في محفظته، إذا به يتحسس جيبه الذي قد وضع به المحفظة فلم يجدها.

    وهنا جن جنون التاجر وأخذ يبحث عنها في كافة الأرجاء لكنه لم يجدها إطلاقًا، وهذا ما جعل حزنه وغضبه يتضاعف، إذ كيف يضيع منه هذا المبلغ الكبير وهو حريص كل الحرص على عدم ضياع أرباحه حتى لو كانت بضع قطع فضية؟!

    وبعدها توجه التاجر على الفور إلى قاضي المدينة ليشكو إليه ضياع محفظته، ولرغبته في العثور على أمواله سريعًا.

    دخل التاجر على القاضي وقال له: أرجوك يا سيدي أن تساعدني.. لقد فقدت محفظتي في مكان ما.. وكان بداخلها أربعمائة قطعة ذهبية.. وسأعلن عن مكافأة نقدية وقدرها أربعون قطعة ذهبية لمن يجد محفظتي وبها المبلغ كاملًا.

    وأرجو منك يا سيدي القاضي أن ترسل الجنود التابعين للقضاء للإعلان عن الأمر في كل أرجاء المدينة والمناطق المحيطة بها، ليعرف بالأمر أكبر عدد ممكن من الناس.

    وبالفعل أرسل القاضي الحرس ليعلنوا في كافة أرجاء المدينة عن جائزة التاجر القيمة، عسى أن يجد أحدهم المحفظة فيأتي بها إلى القاضي ويحظى بالمكافأة.

    وبعد ثلاثة أيام من إعلان التاجر عن الجائزة قدِمت للقاضي امرأة فقيرة ومعها محفظة بها أربعمائة قطعة ذهبية، وقالت للقاضي: تفضل يا سيدي.. لعلها هذه هي محفظة التاجر التي يبحث عنها.

    وعلى الفور استدعى القاضي التاجر لكي يتعرف على محفظته. وعندما وصل ورآها أكد لهم أنها محفظته.

    وهنا انتظر القاضي والمرأة أن يفي التاجر بوعده ويمنح الجائزة لتلك المرأة التي وجدت المحفظة، خاصة أنه قام بعد النقود داخلها عدة مرات ليتأكد من أنها كاملة، وفي كل مرة يجدها أربعمائة قطعة.

    فالمرأة الأمينة قد ردت المحفظة وبها النقود كاملة ولم تأخذ منها شيئًا، ولكن التاجر الطماع عندما عادت إليه المحفظة بكامل نقودها ندم على وعده بمنح الجائزة، وشعر أن المبلغ كبيرٌ جدًا، وأن تلك المرأة لا تستحقه.

    وبعد تفكير عميق خطرت على بال التاجر المحتال فكرة شيطانية، وقرر تنفيذها في الحال حتى لا يمنح الجائزة للمرأة الفقيرة الأمينة التي وجدت محفظته.

    وعلى الفور نظر التاجر إلى محفظته مندهشًا، ثم نظر للمرأة وقال لها: مهلًا.. لقد تذكرت الآن شيئًا مهمًا..

    لقد كانت في المحفظة أيضًا أربعون قطعة نقدية أخرى بخلاف الأربعمائة التي قد ذكرتها للقاضي.. وأنا الآن لا أجدها في المحفظة.

    ثم تابع كلامه قائلًا: لابد وأنك قد سرقتها أيتها اللصة.. إنني أطالبك فورًا وأمام القاضي أن تردي لي المبلغ المتبقي.

    وعندئذٍ قالت المرأة: لا يا سيدي أنا لست بسارقة.. لقد وجدتها وفي داخلها هذا المبلغ فقط.. ولو كنت أنوي سرقتها ما قمت بردها لك.

    رد عليها التاجر الطماع قائلًا: كلا كانت موجودة.. لعلك عندما سمعت بالجائزة قررت أخذ المبلغ من المحفظة مقدمًا، والذي هو نفس مبلغ الجائزة.

    فقالت المرأة وهي تبكي: لا يا سيدي المحفظة كان بها فقط أربعمائة قطعة نقدية، وقررت ردها لك كاملة لتعطيني أنت بنفسك الجائزة عندما تستلمها..

    وعندما وجد القاضي التاجر الطماع يقول هذا الكلام، تأكد أنه يريد نهب حق المرأة المسكينة بعدم منحها الجائزة.

    وهنا التفت القاضي على التاجر وقال له: حسنًا.. لقد اتضح لي أيها التاجر أن محفظتك بها أربعمئة وأربعون قطعة ذهبية.. بينما هذه المحفظة بها أربعمئة فقط..

    إذن هذه ليست محفظتك، ولقد تذكرت الآن أن لي محفظة ضائعة كان بها هذا المبلغ، وبالتأكيد هذه المحفظة هي محفظتي لأنها ذات الشكل واللون.

    ثم وجه القاضي كلامه إلى المرأة فقال: هذه المحفظة لي أنا يا سيدتي وليست للتاجر، ولقد قررت منحك كل المبلغ الذي فيها مكافأة لك على أمانتك.

    بعدها قال القاضي للتاجر: أما بالنسبة لمحفظتك أيها التاجر، عندما يجدها أحدهم فسوف نستدعيك إلى هنا.

    كما أنني سوف نرسل المنادين ليعلنوا عن الأوصاف الجديدة التي ذكرتها في محفظتك، ويمكنك أيضًا أن تذكر رجوعك عن تقديم المكافأة في الإعلان الجديد.

    وبعدها خرج التاجر من عند القاضي صفر اليدين وهو في غاية الحسرة والندم على طمعه الذي تسبب في ضياع أمواله.

    فهذه المحفظة لم تكن إلا محفظته، ولكن بسبب رجوعه عن دفع المبلغ الذي وعد به، خسر كل أمواله التي كانت في المحفظة، وكأنه لم يجدها من الأساس.

    وما هي إلا أيام قليلة وانتشرت قصة التاجر الطماع مع القاضي والمرأة في المدينة بأسرها، وأصبح أضحوكة المدينة بين عشية وضحاها.

    وباتت قصته عبرة على عاقبة الطمع والجشع والبخل، مما دفعه إلى ترك المدينة بأسرها بعد أن أثرت تلك السمعة السيئة على تجارته وتسببت في كسادها.

    انتهت القصة

  • قصة الحطاب الأمين

    مرحبًا يا أطفالي الأعزاء.. سأحكي لكم اليوم قصة الحطاب الأمين الذي كافئه الله بحياة كريمة سعيدة لطيبة قلبه وصدقه وأمانته، تعالوا معي وانصتوا إلى الحكاية.

    قصة الحطاب الأمين

    في قديم الزمان كان هناك حطاب طيب يعيش في إحدى القرى البعيدة.

    وكان ذلك الحطاب رجلًا فقيرًا لا يملك قوت يومه، وكانت له ابنة شابة جميلة وأربعة من الأبناء الصغار ووالدته العجوز التي تقيم معه.

    كان الحطاب يجلس كل يوم هو وزوجته حزينان حزنًا شديدًا لأنهما لا يستطيعان إطعام أطفالهما.

    وكان الحطاب رجلًا رحيم القلب يحب الطيور والحيوانات والنباتات حبًا شديدًا، حتى أنه إذا ذهب إلى الغابة ليحتطب تغلبه الرحمة بالشجر فيتوقف غير قادر على اقتطاعها بالفأس.

    وفي يوم من ذات الايام قرر الحطاب الذهاب إلى الغابة ليحتطب، فتناول بيده فأسه وهو يدعو الله أن يرزقه.

    قبَّل الحطاب أطفاله وهم يودعونه مبتسمين يطلبون منه إحضار الطعام والملابس وهو يلوح لهم بيديه مبتسمًا حتى اختفى عن أنظارهم.

    سار الحطاب في الغابة يبحث عن شجرة يابسة ليقطعها ويأخذ حطبها.

    وأثناء مسيره رأى شجرة عجوز كبيرة فهمَّ إلى ضربها بفأسه، ولكن سرعان ما خيل له أن الشجرة العجوز تبكي من الألم وتتوسل إليه أن يتركها.

    ترك الحطاب الطيب الفأس على الفور وجلس تحت الشجرة حزينًا لأن قلبه لم يطاوعه على قطعها.

    وأثناء جلوس الحطاب تحت الشجرة العجوز عاجزًا، فكر تفكيرًا عميقًا وقال في نفسه: يا إلهي.. إنني عاجز عن إطعام أطفالي وتلبية حاجياتهم، وأظن من الأفضل أن أرحل بعيدًا عنهم حتى لا ينفطر قلبي حزنًا عليهم عندما أراهم جياعًا.

    وقبل أن يقوم الحطاب من مكانه رأى عصفورًا ترك عشه فوق الشجرة وأخذ يبحث عن طعامه.

    نظر الحطاب إلى العصفور، فوجده يحفر في الأرض بصبر وهمة، وعندما لم يجد العصفور الطعام ترك المكان وأخذ يحفر في مكان آخر غير يائسًا يبحث عن طعامه دون كلل.

    وأخيرًا وجد ذلك العصفور بعض فتات الخبز في الأرض، فالتقطها في منقاره وطار ليطعم صغاره الذين كانوا يفتحون له أفواههم جوعًا.

    خجل الحطاب من نفسه، وعادت إليه ثقته في رزق الله، وأحس بندم وخجل شديدين، ثم قام عائدًا إلى منزله وهو يستغفر الله. وفجأة رأى شيء يلمع تحت الشجرة العجوز.

    أنحنى الحطاب ليأخذ ذلك الشيء فوجده قلادة من الياقوت الجميل محفور عليها اسم صاحبها.

    كانت القلادة تخص رجلًا غنيًا في تلك القرية، وكان الحطاب يمر بجانب قصره كل يوم ويتخيل ما بداخله من طعام ورفاهية في العيش، ولكنه لم يكن يجرؤ أبدًا على دخول ذلك القصر.

    عاد الحطاب إلى منزله وهو يضرب أخماسه بأسداسه ويفكر في أمر القلادة.

    وبعد تفكير طويل قال في نفسه: هذا رزق أتاني الله به، لذا يجب أن أذهب إلى السوق وأبيع الياقوتة، وبعدها سوف أحصل على نقود كثيرة وأحضر الطعام لأطعم أطفالي الجياع.

    لكن هذا الخاطر لم يستمر طويلًا وخاصة بعد أن نظر الحطاب إلى أطفاله الذين كانوا يمرحون في ثقة واطمئنان، فخشى عليهم من الرزق الحرام.

    بعدها وضع الحطاب القلادة في جيبه وسار إلى القصر. وعندما رآه الرجل الثري يسير خائفًا بجانب سور قصره قال له: ماذا تريد أيها الرجل الفقير؟ أنت بالتأكيد لست لصًا.

    قال الحطاب: لا يا سيدي.. لقد وجدت هذه القلادة وعرفت أنها لك.. فأتيت لأسلمك إياها.

    نظر الرجل الثري إلى ثياب الحطاب الفقير في دهشة وقال: إن هذه القلادة ذكرى من والدتي المتوفاة، لذا هي لا تقدر عندي بكنوز الدنيا.. كان بإمكانك أن تأخذها وتبيعها، فهي غالية الثمن ولكنك رجل أمين.. فإليك مكافأتك.

    نادى الرجل الثري على أحد الخدم وهمس له في أذنه. فوضع الخادم أمام الحطاب صندوقًا مليء بالمجوهرات الثمينة والنقود.

    وعندما رأى الحطاب ما رآه قال للرجل: يا سيدي.. أنا رجل فقير لي أطفال لا أستطيع إطعامهم.. فأنا لن آخذ المجوهرات أو النقود مقابل أمانتي..

    ولكن لو استطعت إيجاد عمل لي في قصرك سأبقى ممتنًا وشاكرًا لك فضلك ما حييت.

    ضحك الرجل وقال للحطاب: لا بأس.. سوف أعينك في قصري حارسًا على إصطبلات الخيل فهي بحاجة إلى رجل أمين مثلك.

    فرح الحطاب فرحًا شديدًا وذهب بسرعة لإحضار عائلته ليعيشوا سوية بقصر ذلك الرجل الغني.

    وبعد فترة قصيرة تزوج ذلك الرجل من ابنة الحطاب الفقير، وعاش الحطاب وزوجته وأولاده عيشة هانئة سعيدة بجانب ابنته وزوجها الطيب.

    وكان كلما مر الحطاب على تلك الشجرة العجوز خيل إليه أنها تبتسم له وتقول له: إنك رجل رحيم، طيب القلب، أمين صادق النية، لذا عوضك الله ورزقك بحياة سعيدة كريمة هانئة تنعم بها أنت وعائلتك مدى الحياة.

    انتهت القصة

  • قصة حاتم والولد الأمين

    قصتنا اليوم يا أحبائي عن حاتم والولد الأمين الذي ظن به حاتم ظن السوء واتهمه بالتسول، ولكن بعد موقف الولد الأمين مع حاتم أصبحا صديقين حميمين.

    قصة حاتم والولد الأمين

    كان هناك ولد صغير يدعى حاتم، وكان والده رجلًا غنيًا يعمل بالتجارة، وكان والد حاتم يعطيه كل يوم مبلغ كبير من المال حتى يشتري كل ما يريد في المدرسة.

    وذات يوم رن جرس المدرسة وذهب الأطفال جميعهم إلى باحة المدرسة لكي يتناولون طعامهم وشرابهم ويرتاحون قليلًا بين الحصص الدراسية.

    أخرج حاتم نقوده من جيبه وذهب إلي البائع الموجود في الباحة ليشتري لنفسه ما يشتهي من الطعام والشراب.

    وبعدما اشترى حاتم ما اشتراه سمع صوت أحد الأولاد ينادي عليه.

    فقال حاتم في نفسه بتعالٍ وتعجرف: لماذا يلاحقني هذا الولد طوال الوقت؟ هل يريد مني أن أعطيه بعض المال؟ أم أنه يريد أن يشاركني بطعامي الذي اشتريته؟ ألا يخجل هذا الولد من الشحادة والتسول في المدرسة؟

    وما إن أكمل حاتم محاكاة نفسه وإذا بالولد يهرول مسرعًا متجهًا نحو حاتم وهو يمد يده.

    اشتعل حاتم غضبًا وصرخ في الولد: “اذهب عني أيها الشحاذ السخيف… لن أعطيك أيًا من طعامي أو نقودي”.

    بكى الولد حزنًا من موقف حاتم ومد يده إليه يعطيه محفظة نقوده قائلًا له: أنا لست متسولًا، ولكن محفظتك قد وقعت منك عندما اشتريت طعامك من البائع، ولحقت بك حتى أعطيك إياها.

    فكر حاتم قليلاً ثم وضع يده في جيبه يتفقد محفظته فلم يجدها.

    وهنا شعر حاتم بالخجل الشديد من تصرفه، وطأطأ رأسه في خجلٍ من ذلك الولد الأمين الذي اتهمه ظلمًا بالشحادة والتسول.

    اعتذر حاتم من الولد أشد اعتذار وشكره على ما فعل، وأخرج من محفظته بعض النقود وأعطاها للولد الأمين جزاء له على أمانته.

    قبِل الولد الأمين اعتذار حاتم، إلا أنه رفض النقود وأعادها إلي حاتم قائلًا له: شكرًا لك… أنا لا آخذ ثمن أمانتي أبدًا.

    أعاد حاتم النقود إلى جيبه وابتسم وقال للولد: “أنت على حق يا صديقي… لا ينبغي أن نأخذ ثمن الأمانة والأعمال الحسنة التي نقدمها للآخرين… والله سيكافئنا على ذلك بالتأكيد.”

    وأكمل كلامه: “لكن ما رأيك أن نصبح صديقين… هل توافق على ذلك؟ سأكون سعيدًا جدًا إن قبلت صداقتي.”

    ردَّ الولد الأمين على حاتم بفرح: “نعم يا صديقي وبكل سرور.”

    وبعدها أصبح حاتم والولد الأمين صديقين حميمين يتشارك كلًا منهما طعامه مع الآخر، وتعلم حاتم ألا يتعالى ويتكبر على الآخرين، وألا يظن ظن السوء بأحد على الإطلاق، وعاهد نفسه أن يكون ودودًا متواضعًا كي يكسب محبة جميع من حوله.

  • قصة الرفق بالحيوان

    سنحكي لكم اليوم يا أبنائي الصغار قصة الرفق بالحيوان التي قصتها صديقتنا سارة على أطفال شاهدتهم يضربون كلبًا صغيرًا في الطريق، وأخبرتهم بماذا وصانا نبينا الكريم وما عقاب من يفعل ذلك.

    قصة الرفق بالحيوان

    يحكى أنه كان هناك فتاة طيبة مهذبة اسمها سارة، وكانت سارة في العاشرة من عمرها تذهب كل يوم إلى المدرسة وتعود مع رفيقاتها إلى المنزل.

    وفي يوم من الأيام بينما كانت سارة عائدة من مدرستها إلى البيت شاهدت مجموعة من الأطفال مجتمعين حول كلب صغير.

    في البداية ظنت أنهم يلعبون معه، ولكنها وجدتهم يعذبونه ويضربونه، فاقتربت منهم ونهتهم عن هذا الفعل السيء.

    لم يهتم هؤلاء الأطفال لكلام سارة، بل وسخروا منها أيضًا وقالوا لها: دعينا وشئننا، ولا تحشري نفسك بأمور لا تعنيكِ.

    تمالكت سارة غضبها وقالت لهم: لن أذهب حتى تتوقفوا عن هذا التصرف… ألم تسمعوا من قبل عن قصة المرأة التي أخبرنا بها رسولنا الكريم؟

    قال لها الأطفال مندهشين: لا… لم نسمع عنها أخبرينا بقصتها.

    قالت سارة: إن هذه القصة عن امرأة كان لديها قطة صغيرة، لكنها حبستها بدلًا من أن تعتني بها وترعاها وتطعمها، وظلت تلك القطة حبيسةً لا تأكل ولا تشرب حتى فارقت الحياة.

    فكان جزاء هذه المرأة القاسية أنها دخلت النار لأنها أساءت معاملة القطة.

    قال رسولنا الكريم: (دخلت امرأة النار في هرة حبستها، فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض).

    بعد أن سمعوا الأطفال بتلك القصة خجلوا من فعلتهم كثيرًا وقالوا لسارة: شكرًا لك يا سارة.. لم نكن نعلم من قبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حذرنا من أذية الحيوانات، وأن عقاب كل من يفعل ذلك هو النار.

    قالت سارة: نعم يا أصدقائي لقد أوصانا نبينا الكريم وديننا الحنيف أن نرفق بالحيوانات ونعتني بها.

    شكر الأطفال جميعهم صديقتهم سارة على هذه النصيحة مرة أخرى، وسألوا الله عز وجل أن يغفر لهم.

    ثم أخذوا عهدًا على أنفسهم أمام سارة أن يعتنوا بالحيوانات الصغيرة ويرفقوا بها، وألا يعتدوا عليها بالضرب والتعذيب مرة أخرى.

  • قصة الأرنب سارق الجزر وحبل الاعتراف

    قصتنا اليوم عن الأرنب الذي سرق طعام صديقة خلال رحلتهم في الغابة، ولكن كشف أمره واعترف بفعلته بفضل حبل الاعتراف.

    قصة الأرنب سارق الجزر وحبل الاعتراف

    كان يا ما كان في إحدى الغابات البعيدة، كان هناك مجموعة صغيرة من الأرانب أرادوا الذهاب في رحلة استكشاف إلى الغابات المجاورة.

    حيث ضمت هذه الرحلة أيضًا العشرات من الأرانب الذين طلبوا الانضمام إلى المجموعة، فاجتمعوا جميعهم في نقطة واحدة وكلًا منهم كان يحمل زوادته من الجزر ليقوا أنفسهم من الجوع والعطش أثناء المسير.

    انطلقوا الأرانب في طريقهم إلى استكشاف الغابات المجاورة وهم يستمتعون في المسير بين أحضان الطبيعة.

    وأثناء تجولهم في إحدى الغابات وصلوا الأرانب إلى مكان ظليل تخيم عليه الأشجار العالية، فقرروا أن يتوقفوا لأخذ قسط من الراحة، وعندما نال التعب والارهاق من الجميع استغروا جميعهم في نوم عميق.

    وعند استيقاظهم أخذ أحد الأرانب يصيح بصوتٍ عالٍ: “يا إلهي.. أين كيس الجزر.. لقد سُرق طعامي..”

    فتجمعت الأرانب حوله يسألونه عن الواقعة.

    فقال لهم: لقد تناولت شيئاً من الطعام كما فعلنا جميعًا، ووضعت كيس الجزر تحت رأسي وغفوت قليلًا، وعندما استيقظت لم أجد كيس الجزر على الإطلاق.

    فسأله أحد الأرانب: وكم كان عدد الجزرات الموجودة في الكيس؟

    فأجابه الأرنب المنكوب: كان به نحو عشرة جزرات.

    فقال أحدهم: لا عليك سنذهب إلى قائد رحلتنا لنخبره بالأمر.

    فذهبوا الأرانب إلى قائد المجموعة وأخبروه بما حدث، فقال لهم: لن نغادر المكان ولن يترك أحدًا المجموعة حتى نجد الجزر المسروق.

    فقال أحد الأرانب: لم لا نفتش الجميع؟

    فرد عليه أرنب آخر: جميعنا نحمل في أكياسنا الجزر والجزر كله متشابه.

    فقال أرنب ثالث: قد تُعرف الجزرات المسروقات من شكل الكيس، فلا بد أن الأرنب يعرف شكل كيسه.

    فقال الرابع: ربما أخذ اللص الكيس فألقاه بعيدًا واحتفظ بالجزر لأن الكيس يمكن التعرف عليه أما الجزر فلا يمكن تمييزه.

    فقال لهم قائد المجموعة: انصرفوا ودعوني أجهز حبل الاعتراف، فعجب جميع الأرانب من ذلك فلم يكن أحد منهم قد سمع قبل ذلك بشيء اسمه حبل الاعتراف، ولما سألوه عن معنى ذلك قال لهم: اذهبوا الآن وسترون معنى حبل الاعتراف…

    انصرفوا جميعهم وهم في غاية العجب، فعاد قائد الرحلة إلى حيث كان يأخذ قسطه من الراحة داخل خيمته، وأخذ يجهز بها بعض الأشياء.

    وعندما انتهى القائد استدعى الجميع وقال لهم: انظروا جميعًا إلى هذه الخيمة، فنظروا اليها، فإذا بها خيمة عادية.

    فقال لهم: هذه الخيمة مظلمة بالداخل وفيها حبل مشدود من أول الخيمة لآخرها، هو حبل الاعتراف، وسيدخل كل منكم الخيمة ويمسك الحبل بيده ويسير حتى الجهة الأخرى من الخيمة ويده على الحبل وهو يقول أقسم أني لم أسرق كيس الجزر.

    فسألوه جميعهم: وما الفائدة من ذلك؟

    فقال لهم: هذا الحبل يفرق بين الأرنب اللص والأرنب البريء فإذا أمسكة البريء لم يمسه بسوء وإذا أمسكه اللص التف على جسمه وقيده.

    فدخلوا جميعهم وخرجوا فقال لهم الأرنب القائد: أروني أيديكم. فرفعوا أيديهم فإذا أكفهم سوداء ماعدا واحد فيهم.

    فقد لوث قائد الرحلة الحبل بالطين دون أن يعلموا الأرانب بذلك، فأمسك الجميع بالحبل دون خوف ما عدا اللص الذي لم يتجرأ على الإمساك به خوفًا من أن يلتف حول جسده.

    وهكذا علم الجميع من هو الأرنب الذي سرق الجزر، وعندها اعترف ذاك الأرنب اللص بفعلته ورد الجزرات إلى صاحبها واعتذر منه.

    ثم عاهد الجميع ألا يقوم بمثل هذا الفعل مرة أخرى، ولكن بعد ماذا… لقد فقد ثقة الجميع، وخسر أصدقائه وأكمل رحلته وحيدًا منبوذًا.

    وهنا أدرك الأرنب اللص أن السارق يصبح منبوذ من قبل الآخرين، لأنها خصلة خبيثة نهانا عنها الله ورسوله، وأن الكذاب سوف يكشف أمره عاجلًا أم آجلًا.

    انتهت القصة

  • قصة الشقيقات والعصافير الثلاث

    سأحكي لكم اليوم قصة الشقيقات الثلاث الاتي دخلت المحبة إلى منزلهن وقلبت حياتهن للأفضل رأسًا على عقب.

    قصة الشقيقات والعصافير الثلاث

    في يوم من ذات الايام وفي إحدى القرى النائية، كانت هناك فتاة جميلة طيبة اسمها ياسمينة تعيش مع شقيقاتها جوري ونرجس.

    لكن تلك الفتاتان لم يكن يتمتعن بصفات شقيقتهم ياسمينة الجميلة الطيبة.

    فقد كانتا جوري ونرجس مغرورتان قاسيتان أنانيتان، إضافة إلى أنهن يحقدن على شقيقتهن ياسمينة لجمالها وحسن طباعها ومحبة الآخرين لها.

    كانت الأخت الكبرى جوري جشعة تحب جمع المال وتوفيره لذا أجبرت شقيقتها ياسمينة أن تتوقف عن دراستها وتذهب للعمل في إحدى دكاكين القرية، وتقدم لأختها جوري المال دون أن تأخذ منه فلسًا واحدًا.

    أما عن الأخت الوسطى نرجس فكانت فتاة كسولة تلقي جميع مهام المنزل على عاتق شقيقتها الصغرى ياسمينة بعد عودتها مساءً من عملها.

    وكانت نرجس تحب أن تدرس وتجتهد في دراستها، ليس لحبها بالعلم والتعلم، إنما لتتعالا على نظيراتها في القرية والقريات المجاورة.

    وفي يوم من الأيام بينما كانت ياسمينة تَسقي أزهار الحديقة، شاهدت ثلاثة عصافير جميلة ملونة يقفون على غصن الشجرة يحدقون بها.

    أعجبت ياسمينة بتلك العصافير الملونة فاقتربت منهم بهدوء وأخذت تنظر إليهم هي الأخرى.

    بعدها سارعت إلى المنزل وأحضرت لهم الماء والطعام وقالت لهم: تفضلوا يا أصدقائي العصافير.. لا بد وأنكم تشعرون بالجوع.

    وبعد أن شبعوا حصل أمرًا غريب للغاية، فقد تكلم أحد العصافير وشكر ياسمينة على حسن ضيافتها.

    فقالت ياسمينة للعصافير: “تفضلوا يا أصدقائي إلى منزلي فلدينا الكثير من الحبوب هناك”.

    رد عليها أحد العصافير: “شكرًا أيتها الفتاة الطيبة، ولكننا لا نستطيع أن ندخل المنزل مجتمعين”.

    سألتهم ياسمينة باستغراب: “ولماذا؟”

    فأوضح لها أحد العصافير قائلًا: “نحن ثلاثة أصدقاء، فأنا اسمي (الثروة)، وهذا (النجاح)، والآخر هو (المحبة)، ويمكن لواحد منا فقط أن يدخل منزلكن، فاذهبي وتناقشي مع شقيقاتك من منا تُردن أن يدخل معك المنزل”.

    دخلت ياسمينة وأخبرت شقيقاتها بما قاله العصفور، فغمرت السعادة أختها الكبرى جوري وقالت: “يا له من شيء حسن، وطالما كان الأمر على هذا النحو فلندعو (الثروة)، دعيه يدخل ويملئ منزلنا بالثراء”.

    فخالفتها أختها نرجس قائلة: “لم لا ندعو (النجاح)؟ وهكذا سأنجح وأصبح أنا المتفوقة الوحيدة في هذه القرية”.

    وهنا كانت ياسمينة الطيبة تنظر إلى شجار شقيقاتها وهي واقفة في أحد زوايا المنزل فأسرعت باقتراحها قائلة: “أليس من الأجدر أن ندعو (المحبة)؟ فمنزلنا حينها سيمتلئ بالحب”.

    فردت عليها شقيقتيها بصوت واحد: “ما هذا الاقتراح الأبله، أصمتي أنتِ ولا تتدخلي بالأمر”.

    كل ذلك كان على مسمع من العصافير الثلاث، وعرفوا أن شقيقاتها مغرورتان طماعتان ولم يعيروا أي اهتمام لرغبة أختهم ياسمينة.

    بعدها اقتربوا من المنزل وطلبوا من ياسمينة أن تبدي اقتراحها، وسيأخذون في رأيها هي وحدها، وغير ذلك سوف يحلقون بعيدًا ولن يدخل أحدًا منهم على الإطلاق.

    فأجابتهم ياسمينة: “أنا أدعو عصفور المحبة ليتفضل إلى منزلي”.

    اقترب عصفور (المحبة) وبدأ بالطيران نحو المنزل، فاقترب العصفوران الآخران وتبعاه.

    اندهشت ياسمينة وقالت: “لقد دعوت عصفور (المحبة) فقط، فلماذا تدخلان معه؟”

    فرد عصفور (المحبة): “لو كنت دعوت أصدقائي (الثروة) أو (النجاح) لظل الاثنان الباقيان خارجًا، ولكن كونك دعوتني أنا (المحبة)، فأينما أذهب يذهبان معي”.

    وبعد أن دخلت المحبة حياة الشقيقات الثلاث أصبحن يتمتعن بصفاء القلب ومحبة الآخرين.

    فالأخت الكبرى جوري بعد أن كانت جشعة تحب جمع المال لنفسها، اشترت بمالها المدَّخر دكانًا لبيع الأقمشة، وبعدها أصبحت من أثرى سكان القرية.

    فكانت تنفق المال على شقيقتيها ليكملن دراستهن ويعشن عيشة هنيئة كريمة، كما أنها أصبحت تساعد كل محتاج أو فقير في قريتها أو حتى القريات المجاورة.

    وبعدها نجحت الأخت الوسطى نرجس في دراستها وأصبحت من أمهر الطبيبات في القرية، كما أنها باتت تقدم العلاج والدواء مجانًا للمرضى الفقراء والمحتاجين الذين لا يملكون ثمن العلاج.

    أما عن صديقتنا ياسمينة فقد أصبحت تنعم بمحبة شقيقاتها لها وعطفهم عليها، وأصبحت هي الفتاة المدللة التي لم تعد مسؤولة إلا عن دراستها فقط.

    وأما عن أعمال المنزل فقد كانت الفتيات الثلاث يتقاسمن المهام بأوقات فراغهن بكل محبة ومودة.

    بعد دخول المحبة إلى منزل تلك الفتيات أصبحت حياتهن مليئة بالعطف والرحمة، وبفضل المحبة حققن كلًا منهن أحلامهن وطموحاتهن، وتعلموا جميعهن أن أينما توجد المحبة، يوجد معها الثراء والنجاح.

    انتهت القصة

  • قصة الحطاب والكلب الوفي

    قصتنا اليوم يا أحبائي الصغار عن الحطاب والكلب الوفي الذي عرض حياته للخطر ليفتدي ابن الحطاب الصغير من موت محتم.

    (المزيد…)
  • قصة بائع الحليب الطماع … “مال الحليب للحليب ومال الماء للماء”

    سأروي لكم اليوم أحبائي الصغار قصة حمزة بائع الحليب الطماع الذي كان يغش الحليب ويبيعه للناس، وما هي عاقبة هذا الأمر. هل أنتم مستعدون يا أطفال؟ حسنًا هيا بنا.

    قصة بائع الحليب الطماع

    كان يا ما كان في إحدى القرى البعيدة كان هناك بائع حليب اسمه حمزة.

    كان حمزة رجلًا طيبًا ومخلصًا في عمله، وكان البائع حمزة متزوجًا من امرأة طماعة شجعة لا يعجبها العجب.

    وكان البائع حمزة يعيش في بيت صغير متواضع بناه من كده وكسبه، فقد كان يكسب رزقه من بيع حليب البقرة التي كان يرعاها في حظيرة منزله، حيث كان حمزة يحب عمله كثيرًا، لذا كان معروفًا ومحبوبًا من قبل جميع أهل القرية، وكان الجميع يشترون منه نظرًا للذاذة الحليب الذي يبيعه، وأمانته في البيع.

    وفي يوم من الأيام بعد ما أنتهى حمزة من عمله وباع كل ما لديه من الحليب، ذهب إلى منزله الصغير ليرتاح من مشقة التجوال بين أروقة القرية.

    وكانت زوجته تجلس مع جارتها زوجة بائع الأقمشة الثري، فرحَّب بها حمزة ودخل إلى غرفته ليرتاح قليلًا.

    وبعد ما رحلت الجارة دخلت زوجة حمزة إلى غرفته وعلى وجهها علامات الاعتراض والتمرد على وضع معيشتها.

    فسألها حمزة: “ما بك يا زوجتي العزيزة؟”

    أجابته بصوت حاد: “وتسألني ما بك وأنا أعيش في هذا البيت المقرف؟ يجب عليك أن توسع عملك وتحسن من حياتنا نحو الأفضل.. فالوضع أصبح لا يطاق، انظر إلى جارنا تاجر القماش.. لقد أهدى زوجته بعد مجيئه من السفر قطع من القماش الحريرية الثمينة، وحليٌّ وعطور، وقريبًا سوف يشتري لها منزلًا جميلًا واسعًا”.

    فرد عليها بائع الحليب: “وماذا عساي أن أفعل أكثر من ذلك؟.. لا أملك سوى بقرة واحدة أحلبها كل يوم وأذهب وأبيع الحليب في أرجاء القرية وأتقوت من ثمنه”.

    فقالت له زوجته: “لما لا تضيف بعضًا من الماء إلى الحليب وتضاعف كميته.. وبالتالي سوف يتضاعف ثمنه”.

    بائع الحليب: “وكيف لي أن أغش الحليب بالماء… هذا اسمه غش وحرام، لن أستطيع أن أغش الناس الذين يشهدون لي بأخلاقي وأمانتي”.

    الزوجة: “يا زوجي العزيز.. قليلًا من الماء فوق الحليب لن يضر في شيئ ولن يستطيع أحدًا من أهل القرية أن يكشف أمرك، وعندما يصبح لدينا ما يكفينا من المال وتصبح تاجرًا ثريًا وصاحب أكبر متجر أقمشة في هذه القرية، يمكنك أن تترك هذا العمل المتعب وتتفرغ لتجارتك الجديدة”.

    تمكن الشيطان من أفكار بائع الحليب وانساق وراء رغبة زوجته طمعًا بالمال والجاه.

    وفي صباح اليوم التالي قام حمزة وزوجته بحلب البقرة، ثم أضافوا ماءً فوق الحليب بنفس الكمية، أي أصبح لديهم بدل جرة الحليب جرتان اثنتان.

    وبعدها انطلق حمزة كعادته ليبيع الحليب في القرية.

    ومع حلول الظلام عاد حمزة إلى بيته فرحًا ببيع جميع ما لديه من الحليب، وجلس هو وزوجته يعدّون ما قد جمعه من النقود من خلال بيع الحليب المغشوش، فقد كان مقدار المال مضاعف عن مقداره في الأيام السابقة.

    فقالت الزوجة: “أرأيت يا زوجي العزيز… سوف نصبح أثرياء بمدة قصيرة جدًا إذا بقي الأمر على ما يرام”.

    اعتاد بائح الحليب الطماع على غش الحليب بالماء، ولم يعد يفكر لا بأخلاق ولا بأمانة بعد أن عُميت بصيرته بالمال الوفير. واستمر على هذا النحو بضعة أشهر إلى أن جمع مبلغًا كبيرًا من المال.

    وفي أحد الأيام جلس بائع الحليب وزوجته يحصون المال الذي جُمع من بيع الحليب المغشوش، وبعد أن وجدوه مبلغًا لا بأس به قرروا الذهاب في رحلة بحرية إلى البلد الذي يسافر عليه جارهم تاجر الأقمشة ليتسوقوا من هناك بعض الأقمشة الثمينة، ويبيعونها في القرية بأضعاف مضاعفة.

    صعد بائع الحليب الطماع وزوجته على متن السفينة وبدأت رحلتهم المنتظرة وهم في قمة الفرح والانبساط.

    ولكن هذا لم يدم طويلًا، فقد هبت عاصفة قوية وهم في عرض البحر وبدأت الأمواج تعلو وتقذف بالسفينة يمينًا ويسارًا إلى أن أغرقتها بالكامل، وأصبح كل من فيها من عتاد وبضائع ورجال ونساء طافية فوق سطح الماء.

    فالبعض تعلق بشيء ينجيه مثل لوح خشبي أو ما شابه ذلك، ومنهم من غرق ومات ومن بينهم زوجة حمزة بائع الحليب، أما حمزة فوجد لوحًا خشبيًا وتمسك به حتى وصل إلى الشاطئ.

    بقي حمزة على الشاطئ مدة طويلة ينتظر قدوم زوجته، ولكنه تأكد عند تأخر الوقت أنها قد غرقت وماتت مثل معظم ركاب السفينة.

    شکر حمزة الله وحمده علی نجاته من الغرق المحتم، وبعد أن استعاد أنفاسه تذكر كيس نقوده الذي جمعه من خلال بيع الحليب المغشوش، وأيقن أنه غرق في الماء مع زوجته وأصبح في أعماق البحر.

    عاد بائع الحليب إلى منزله المتواضع، ونظر متأملًا ما قد حصل معه، وقال في نفسه، لم يبق لي شيئًا من المال الذي جنيته من بيع الحليب المغشوش، لأنه جني من المكسب الحرام وخديعة الناس ولكن لا بأس لدي ما أستطيع من خلالها أن أبدأ حياة جديدة بصدق وأمانة وهي بقرتي العزيزة.

    ثم قال مقولته الشهيرة: “مال الحليب للحليب ومال الماء للماء”.

    وهذا يعني يا أعزائي الصغار أن الطمع ضر ما نفع، وأن المال الذي كسبه البائح من بيع الحليب بقي كما هو، أما المال الذي كسبه بسهولة عن طريق الغش بالماء فقد غرق في الماء لأنه كسب حرام، والكسب الحرام لا يدوم ومصيره الزوال لا محالة، والصدق والأمانة هما الطريق إلى السعادة وتحقيق الطموحات.

    انتهت القصة…

  • قصة القطة لولي المحتارة

    في يوم من الأيام كانت هناك قطة جميلة بيضاء اللون اسمها لولي.

    كانت تلك القطة عنيدة غير راضية عن حالها، وتتمنى أن تكون مثل الآخرين فهي ترى كل ما في أيدي غيرها متميزًا، ولا ترى ما أنعم الله عليها به أبدًا.

    ذات يوم مر العصفور فوق رأسها فأخذت القطة تفكر ماذا لو كانت مثل العصفور، تحلق بجناحيها في السماء، وتطير من مكان لمكان بدون قيود…

    وحاولت القطة أن تطير ولكنها سقطت وجرحت رجلها.

    أخذت القطة تمشي وهي تعرج على قدمها، بسبب إصابتها وإذا بها ترى الخروف يمر بجوارها، فتمنت أن تكون مثل الخروف ذو الصوف الجميل الذي يدفئه في الشتاء.

    ثم نظرت إلى مظهرها فرأت أنها لن تكون مثل الخروف أبدًا.

    ولم تكتفي القطة لولي بذلك بل رأت أرنبًا يقفز من مكان لأخر، ويقفز على السور ويأكل الجزر ويتلذذ به؛ فتمنت أن تكون مثل الأرنب.

    وحاولت القفز مثله ولكنها سقطت من السور على رأسها فتألمت بشدة.

    مرت القطة لولي على بحيرة صغيرة، فرأت السمك يسبح ويتجول في الماء بشكل رائع فتمنت أن تصبح سمكة لتسبح في الماء وتنزل إلى الأعماق.

    فحاولت لولي أن تنزل في البحيرة، لتسبح فكادت أن تغرق وخرجت مسرعة.

    وذات يوم مرت القطة لولي على شجرة فاكهة، فرأت الفاكهة اللذيذة تتدلى من الشجرة، ورائحتها الطيبة تصل إلى أنفها.

    فتمنت أن تصبح فاكهة وأخذت قشر الفاكهة، ووضعته على ظهرها واستلقت في النوم.

    استيقظت القطة لولي على أصوات غريبة، وحركات مريبة ففتحت عينها فوجدت قطيع من الخرفان سيأكلها؛ حيث ظن أنها قطع من الفاكهة هربت مسرعة.

    أخيرًا… قالت: “أحمد الله على أنني قطة، ولن أتمنى أي شيء آخر”.