ثومة، الست، سيدة الغناء العربي، شمس الأصيل، صاحبة العصمة، كوكب الشرق، قيثارة الشرق، فنانة الشعب، كلها ألقاب عرفت بها أم كلثوم اسمها الحقيقي فاطمة وأبوها الشيخ ابراهيم السيد البلتاجي إمام وخطيب ومؤذن لمسجد القرية.
وهي من مواليد الدقهلية قرية (طماي الزهايرة) وتسمى الآن (السنبلاوين)، 30 كانون الثاني 1898 وماتت في القاهرة يوم 3 شباط 1975، وكانت واحدةً من أشهر مطربي القرن الماضي، وقد بدأ المشوار الفني منذ طفولتها وعمت شهرتها الوطن العربي كله والعالم أجمع.
حياة أم كلثوم الشخصية
الحالة المادية لأسرتها كانت متواضعة إلّا أن أبيها أرسلها إلى الكتّاب لتتعلم القراءة والكتابة، وأخذت تتعلم من أبيها الغناء وتلاوة القرآن عندما كان والدها يعلم أخاها الأكبر الغناء، حيث أن أباها كان منشدًا في أفراح القرية، فظهرت موهبتها في الغناء وهي صغيرة، وأصبح والدها يأخذها معهم للإنشاد والغناء في الأفراح وهي في عمر الثانية عشرة حيث كانت ترتدي لباس الأولاد وتضع عقالًا على رأسها، وفي إحدى الحفلات سمع صوتها القاضي (علي بك) فقال لأبيها: إن لديك في حنجرة ابنتك كنز تجهل قيمته.
لقائها للشيخ أبو العلا محمد
بدأ نجم أم كلثوم يسطع من صغرها، حيث كانت تعمل فقط لزيادة دخل الأسرة المتواضع لكنها تجاوزت أحلام أبيها وأخيها وأصبحت المصدر الرئيسي لدخل الأسرة، وصدف أن التقت الشيخ أبو العلا محمد في القطار وكانت تغني أغانيه وسمعها بدون أن تعرف، ولمّا جاء الشيخ أبو العلا محمد والشيخ زكريا أحمد إلى السنبلاوين أقنعا والدها بأن يأخذها إلى القاهرة وكان ذلك في العام 1922، فانتقلت ام كلثوم مع والدها وأخيها إلى القاهرة وأنشدت في ليلة الإسراء والمعراج في قصر (عز الدين يكن باشا) فأهدتها سيدة القصر خاتمًا ذهبيًا وثلاثة جنيهات، وتلك كانت أولى حفلات ام كلثوم في القاهرة.
البداية الفنية لأم كلثوم
استقرت أم كلثوم في القاهرة وغنت على مسرح البوسفور الواقع في ميدان رمسيس، وعلى مسرح حديقة الأزبكية، وكانت تغني بدون فرقة موسيقية، وأصدرت أول اسطوانة موسيقية لها وكانت لأغنية (وحقك أنت المنى والطلب) وباعت منها حوالي 18000 اسطوانة فحققت نجاحًا منقطع النظير.
تعلمت بعدها أصول الموسيقى على يد الملحن أمين المهدي كما تعلمت العزف على العود من محمد القصبجي وأمين مهدي ومحمود رحمي، وفي عام 1923 غنت أمام المطربة منيرة المهدية التي كان يطلق عليها لقب (سلطانة الطرب) كما التقت بمحمد عبد الوهاب أيضًا، والتقت الشاعر أحمد رامي عن طريق الشيخ أبو العلا محمد، عندما كانت تغني في إحدى الحفلات أغنية (الصبّ تفضحه عيونه) وسمعها أيضًا الملحن محمد القصبجي، وكان طبيب الأسنان أحمد صبري النجريدي يهوى الموسيقى وهو أول من لحن لأم كلثوم أغان خاصة بها.
ام كلثوم وأول فرقة موسيقية تغني معها
بدأ الموسيقار محمد القصبجي بإعداد أول فرقة موسيقية لأم كلثوم كفرقة خاصة لها، بدل الفرقة التي كانت تغني معها وكانوا يلبسون العمائم، كما أن أم كلثوم بعد فترة خلعت العقال الذي كانت ترتديه، وظهرت كبنات مصر، وبعد فترة من الزمن توفي الشيخ أبو العلا محمد الذي كان له أثرًا كبيرًا في حياة ام كلثوم الغنائية، وكان من المتعارف عليه غناء بعض القصائد لأكثر من ملحن ويقوم المطرب بغنائها كتحد بين الملحنين، فغنت أم كلثوم قصيدة:
أراك عصي الدمع شيمتك الصبر أما للهوى نهي عليك ولا أمر
مرة من الحان الموسيقار رياض السنباطي ومرة من ألحان عبده الحامولي.
ظهور نجم أم كلثوم
في عام 1928 أخذ اسم ام كلثوم يدوي في سماء الساحة الفنية بكل قوة بعد أن غنت مونولوج (ان كنت أسامح وأنسى الأسية) وقامت بتلحين قصيدة (على عيني الهجر)، وكانت ام كلثوم أول من شدا في الإذاعة المصرية عندما تم افتتاحها في العام 1934.
التعاون الفني مع الملحن رياض السنباطي
كان التعاون الأول مع الملحن رياض السنباطي بأغنية انتشرت بين الناس انتشار النار في الهشيم وهي (على بلد المحبوب وديني)، كان ذلك في العان 1935،ودام ذلك التعاون لمدة أربعين عامًا، علمًا أنه كان الملحن الوحيد الذي تعاونت معه في الخمسينيات من القرن الماضي، بعد ذلك لحنت الأغنية الثانية والأخيرة التي تلحنها بنفسها ألا وهي (يا ريتني كنت النسيم) وعندما تأسست نقابة الفنانين الموسيقيين عام 1943 بقيت ام كلثوم رئيسة لها لمدة عشرة أعوام، وفي هذه الفترة غنت ثلاثًا من القصائد من ألحان السنباطي هي (سلو قلبي) التي تقول في أحد أبيات القصيدة:
وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
تلك الأغنية كانت عقب تراجع الإنكليز عن وعودهم بإعطاء مصر الاستقلال، فذلك البيت من القصيدة أدي إلى قيام المشاكل بين ام كلثوم والقصر الملكي، وطلب منها تغيير أو حذف كلمة (الإشتراكيون) من القصيدة التي غنتها وهي بعنوان (ولد الهدى) وهذا البيت يقول:
الإشتراكيون أنت إمامهم لولا دعاوي القوم والغلواء
لكنها رفضت ذلك، وغنت أيضًا أغنية (نهج البردة) فكانت من أروع ما غنت، وفي عام 1966 غنت من ألحان السنباطي أيضًا أغنية (الأطلال) وهي من كلمات ابراهيم ناجي فحققت نجاحًا منقطع النظير، وكانت ردًا على محمد عبد الوهاب الذي لحن لأم كلثوم أغنية (أنت عمري) التي نجحت نجاحًا ساحقًا في العام 1965.
أم كلثوم وثورة يوليو 1952