هل البقاء في مكان ضيق أو صغير أو مغلق أو مزدحم أمر مخيف بالنسبة لك؟ هل تعاني من أعراض مثل التوتر والذعر وضيق في التنفس وغيرها…؟ هل تبدأ الأعراض بمجرد بقائك في مكان ضيق أو تخيلك لذلك؟ إنه رهاب الأماكن الضيقة أو فوبيا الأماكن الضيقة Claustrophobia.
ما هو رهاب الأماكن الضيقة؟ ما هي الأعراض التي تعاني منها؟ ما هي الأسباب التي تكمن خلف هذا الخوف؟ كيف يمكن علاج فوبيا الأماكن الضيقة والتعامل معه؟
ما هو رهاب الأماكن الضيقة أو الكلوسترو فوبيا Claustrophobia؟
الكلوسترو فوبيا Claustrophobia أو الرهاب من الأماكن الضيقة ومن اسمه فهو حالة من الخوف المبالغ فيه تحدث عند تواجد الشخص في مكان ضيق صغير أو مكان مزدحم أو مكان مغلق لا يوجد فيه نوافذ أو مخرج…
بالنسبة للجميع لا يكون من المريح التواجد في مكان ضيق وصغير ولكن حالة الخوف عند الأشخاص الذين يعانون من الرهاب تكون أشد وأكثر حدة وتنطوي على الكثير من الأعراض المزعجة الجسدية والنفسية… تختلف حدة الأعراض من شخص لآخر بالإضافة إلى اختلاف شدة العامل المحفز.
يمكن أن تكون الفوبيا من الأماكن الضيقة هي بحد ذاتها الحالة التي تعاني منها، وبمكن أن تكون نتيجة للمعاناة من حالة فوبيا أخرى مثل الخوف من الموت أو الخوف من الأماكن المغلقة… ويمكن أن يحصل الأمرين معًا.
يخلط الجميع بين الخوف من الأماكن الضيقة والخوف بين الأماكن المغلقة، على الرغم من أن كلا النوعين ينطويان على الخوف من أماكن المتشابهة ولكن السبب الأساسي في النوع الأول هو الأماكن صغيرة الحجم أو الأماكن المزدحمة، بينما النوع الثاني فهو الأماكن المغلقة بغض النظر عن المساحة.
قد يهمك: علاج الفوبيا من الأماكن المغلقة بدون الاستعانة بمعالج نفسي
تأثير الفوبيا من الأماكن الضيقة
بشكل عام وعلى الرغم من أن رهاب الأماكن الضيقة لا يهدد حياة الشخص بالخطر ولكن الجميع يحتاجون للتواجد في أماكن ضيقة في أوقات معينة سواء كان ذلك وسائط النقل أو المكاتب أو دورات المياه وغيرها…
وللأسف هذا ما يجعل فوبيا الأماكن الضيقة من أكثر أنواع الفوبيا التي تملك تأثيرها على حياة الشخص فهي تقييد إمكانياته بالإضافة إلى كونه معرض في كثير من الأحيان لنوبة من الرهاب.
أعراض رهاب الأماكن الضيقة
تشتمل أعراض رهاب الأماكن الضيقة على أعراض جسدية ونفسية، ويمكن أن تظهر بعد التعرض لمحفز معين، وهذا المحفز يمكن أن يكون التواجد في غرفة صغيرة أو غرفة مغلقة أو في مكان مزدحم كثيرًا…
وبالطبع تختلف شدة الأعراض والمحفز من شخص لآخر تبعًا لدرجة الرهاب، وهذه الأعراض يمكن أن تكون كما يلي:
الأعراض الجسدية
- التعرق الشديد.
- ارتجاف الجسم.
- الشعور بالحرارة في الجسم.
- ضيق وصعوبة في التنفس.
- ارتفاع في معدل ضربات القلب.
- الغثيان والقيء في بعض الأحيان.
- الإصابة بالدوار أو حتى الإغماء.
- الارتباك وعدم التوازن.
الأعراض النفسية
- الخوف والذعر بدرجة مبالغ فيها.
- الشعور بالقلق.
- الحاجة الشديدة لإنهاء والخروج من الموقف.
- فقدان القدرة على التحكم بالمشاعر والسيطرة عليها.
أهم الأماكن التي تتسبب بنوبة الرهاب
تختلف مساحة الأماكن التي تسبب لك نوبة الرهاب تبعًا لدرجة الفوبيا لديك، ولكن بشكل عام تشتمل أهم تلك الأماكن على:
- دورات المياه العامة.
- مغاسل السيارات.
- الأبواب الدوارة.
- غرف تبديل الملابس.
- الكهوف والأماكن قليلة الارتفاع.
- الأنفاق.
- المصاعد.
- الأماكن الكبيرة ولكن المزدحمة مثل الحفلات – الأسواق – المولات…
- جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي.
- الأماكن التي لا تحتوي نوافذ.
هل أنت تعاني من فوبيا الأماكن الضيقة؟
في حال كنت تعاني من الأعراض السابقة (الجسدية والنفسية) عند التواجد في أماكن ضيقة فهذا يعني أنك تعاني من رهاب الأماكن الضيقة، ولكن إلى جانب تلك الأعراض يمكن أن تلاحظ ما يلي:
- تجنب التواجد في أماكن ضيقة مثل الغرف الصغيرة المغلقة أو وسائل النقل العامة المزدحمة مثل: القطارات – المترو – الأسواق…
- عادةً تبحث عن المخرج في أي مكان تدخل إليه، وتشعر بالراحة عند التواجد بالقرب منه.
- تشعر بالقلق حيال الأبواب وتخاف من أن تغلق وأنت جالس في الغرفة.
- فتح النوافذ دائمًا وعدم القدرة على التواجد في مكان مغلق تمامًا.
- تشعر بالضيق بمجرد التفكير أو تخيل التواجد في مكان مزدحم أو صغير ضيق.
يمكن أن تختلف الأعراض والأماكن التي تسبب ظهورها باختلاف الأشخاص وذلك لأن إدراك المساحة هي حالة خاصة تعتمد على إدراك الفرد للبيئة المحيطة به والفراغ حوله والمساحة الشخصية الخاصة به.
أسباب الرهاب من الأماكن الضيقة
لا يوجد سبب واحد محدد معروف للخوف من الأماكن الضيقة، وكغيرها من أنواع الفوبيا هناك مجموعة من العوامل يمكن أن تكون السبب المسؤول عن هذا الرهاب، كالعوامل الوراثية أو العوامل المكتسبة أو الاثنين معًا، وأهم هذه الأسباب:
1 – العوامل الوراثية
يمكن للعوامل الوراثية أن تلعب دور في فوبيا الأماكن الضيقة، وذلك في حال كان أحد والديك أو كلاهما يعانيان من الرهاب، ويمكن أن يكون طفرة جينية خاصة بك.
في مثل هذه الحالة يمكن أن تظهر الفوبيا مباشرة من تلقاء نفسها في أي عمر، ويمكن أن تبدأ بعد التعرض لمحفز خارجي أو أحد الأسباب التالية، أي بمعنى آخر يمكن للمورثات أن تزيد من احتمالية وقابلية الشخص للمعاناة من الفوبيا.
2 – التربية
البيئة المحيطة بالشخص والعوامل التربوية تلعب دور كبير في التأثير على شخصيته وعلى حالته النفسية، وبالتالي من الممكن أن يتمثل ذلك في:
- كون أحد والديك أو كلاهما يعاني من رهاب الأماكن الضيقة ولكن إلى جانب العوامل الوراثية هناك عامل التأثر أي أنك تتأثر بردود الفعل التي تصدر عنهما وأصبحت جزء من ردود فعلك أنت عند التواجد في مكان ضيق.
- في حال كان أحد والديك أو كلاهما أو حتى مقدم الرعاية شديد الحرص والحماية لك، هذا يمكن أن يزيد من حساسيتك اتجاه البيئة المحيطة سواء أماكن أو أشخاص أو أشياء.
- وسائل التربية السيئة التي تنطوي على التعنيف أو الحبس والاحتجاز في مكان ضيق وصغير…
3 – الصدمات النفسية
تعتبر الصدمات النفسية من أهم الأسباب التي قد تكمن خلف رهاب الأماكن الضيقة، وهذه الصدمات يمكن أن تتمثل في المرور أو مشاهدة حادث أليم أو حالة مروعة ارتبطت بشكل وثيق مع التواجد في مكان ضيق أو مزدحم أو مظلم…
يمكن أن تكون هذه الصدمات عادية أو قوية جدًا، مثل: تعطل المصعد الكهربائي أو حتى التعرض لحادث سيارة والاحتجاز فيها أو حريق أو حتى التعرض لحالة خطف أو حبس….
قد يهمك: اضطراب ما بعد الصدمة … عندما يكون للتجربة القاسية أثر كبير عليك
4 – فوبيا من نوع مختلف
يمكن أن يكون رهاب الأماكن الضيقة بسبب نوع رهاب آخر مثل: رهاب الموت أو رهاب الأماكن المغلقة أو رهاب السفر…. وغيرها، ويمكن أن يكون هو بحد ذاته الحالة الأساسية التي تتسبب بأنواع رهاب أخرى.
5 – الإدراك الفردي للمساحة
تختلف الأماكن التي يمكن أن تثير نوبة الرهاب من شخص لآخر على الرغم من أن الأعراض قد تتشابه، هذا الاختلاف يرجع إلى طريقة إدراك الفرد للمساحة عامة والمساحة الشخصية الخاصة به.
فبالنسبة للأشخاص الذين يمتلكون مساحة شخصية أكبر يكونون أكثر عرضة للشعور بالرعب أو رهاب الأماكن الضيقة من الأشخاص أصحاب المساحات الشخصية الأضيق.
على سبيل المثالي في حال كانت المساحة الشخصية بقطر مترين على محيط الشخص فهذا يعني أنه يمكن أن يشعر بالرهاب بمجدر تواجد شخص آخر على مسافة أقل من مترين بعيدًا عنه أو بمجرد تواجده في مكان بأبعاد قريبة من المترين.
6 – اضطراب في اللوزة الدماغية
اللوزة الدماغية هي الجزء من الدماغ المسؤول عن فهم ومعالجة الشعور بالخوف وبالتالي يمكن أن يكون رهاب الأماكن الضيقة متعلق بحدوث إصابة أو خلل في هذا الجزء تحديدًا، أو تشوه في بنية هذا الجزء.
من هم أكثر الأشخاص عرضة للإصابة بفوبيا الأماكن الضيقة؟
الجميع وبأي عمر معرض للمعاناة من مختلف أنواع الرهاب، إلا أنها عادة تبدأ في مرحلة الطفولة ومن ثم تتطور بالإضافة إلى أن عوامل كثير تلعب دورها في هذا الأمر سواء كانت عوامل وراثية أو عوامل خارجية، وبشكل عام فإن احتمالية المعاناة من الرهاب تكون كما يلي:
- احتمال المعاناة من الرهاب عند الإناث 66% بينما عند الذكور يكون 34%.
- أما الاحتمالية حسب العمر فهي كما يلي:
- أقل من 18 سنة > 45%.
- بين عمر 18 حتى 34 سنة > 44%.
- بين عمر 35 حتى 49 سنة > 6%.
- بين عمر 50 حتى 64 سنة > 3%.
- أكبر من 65 سنة > 2%.
علاج فوبيا الأماكن الضيقة
في حال لاحظت أي من أعراض رهاب الأماكن الضيقة فلا بد من مراجعة الطبيب بشكل مباشر وعدم ترك الأمر إلى أن يصبح في مرحلة أكثر تطور وأشد، وبشكل خاص على اعتبار أن هذا النوع من الرهاب يملك تأثير كبير على الحياة اليومية.
أما عن طرق علاج فوبيا الأماكن الضيقة فالاختيارات الممكنة أمامك كثيرة أهمها:
1 – العلاج بالتعرض
وهو من أشهر أنواع العلاج التي يتم استخدامها في التعامل مع الفوبيا واضطرابات القلق وغيرها… ويتميز بفاعلية عالية فيمكن للنتائج الإيجابية أن تظهر من الجلسة الأولى.
والعلاج بالتعرض هو عبارة عن علاج يقوم على تعرض المريض ومواجهة المحفزات التي تسبب نوبة الرهاب، بحيث يكون التعرض لها تدريجي وبإشراف الطبيب، فقد يقم بعرض صور لأماكن ضيقة أو يجعلك تتخيل نفسك هناك أو حتى تتواجد معه في مكان ضيق أو تعتمد على التكنولوجيا والواقع الافتراضي…
2 – العلاج السلوكي المعرفي
وهو عبارة عن علاج يقوم على أساس تغيير الأفكار لدى المريض ونقلها من الخوف والقلق إلى حالة أكثر عقلانية، أي أن الطبيب سوف يعمل على تغيير وجهة نظرك حول الأماكن الضيقة بحيث تفهم بأنها لا تهدد حياتك ولا تؤثر عليك ولا تشكل أي خطر.
3 – العلاج بالاسترخاء والتأمل
الاسترخاء والتأمل والتنفس العميق من أفضل التقنيات التي يمكن من خلالها ضمان كل من: التعامل مع الأعراض والتحكم بها وضبطها – التقليل من حدة الأعراض بشكل عام – التعامل مع الخوف والفوبيا وعلاجها…
قد يهمك: تعلم كيفية التأمل والاسترخاء لتتغلب على الاكتئاب والقلق النفسي
4 – العلاج بالأدوية
يمكن أن يصف لك الطبيب بعض الأدوية: مضادات اكتئاب أو قلق وغيرها، وهي تعمل على الحد من مشاعر الخوف والقلق والذعر لديك أي أنها تعمل على ضبط الأعراض سواء النفسية منها أو الجسدية، وبالتالي تستخدم هذه الأدوية إلى جانب علاجات فوبيا الأماكن الضيقة الأخرى.
5 – التعامل مع الأعراض
إلى جانب الأدوية والتأمل والاسترخاء يتم التعامل مع الأعراض والتحكم بها من خلالها تقنيات الضغط على العضلات أو مساج العضلات، كأن تقوم بالضغط على عضلات الذراع في حال شعرت ببداية نوبة الفوبيا.
أيضًا يمكنك الاعتماد على الخيال في ضبط الأعراض والتحكم بها، فعلى سبيل المثال في حال كنت في مكان ضيق يمكن للتنفس بشكل عميق وتخيل نفسك في مكان واسع ومفتوح وهادئ مثل البحر أن يساعد كثيرًا في الحد من نوبة الخوف.
رهاب الأماكن الضيقة رهاب حقيقي يملك أعراضه المزعجة لذا عليك التعامل معه سريعًا وعدم تأجيل الأمر حتى لا يتفاقم ويصبح أكثر صعوبة… تعامل معه واضبط خوفك!
المصادر
- What’s to know about claustrophobia? – medicalnewstoday
- Everything You Should Know About Claustrophobia – healthline
- Claustrophobia (Fear of Small Spaces): Are You Claustrophobic? – psycom