اضطراب ما بعد الصدمة … عندما يكون للتجربة القاسية أثر كبير عليك

اضطراب ما بعد الصدمة ... أي عندما تملك الحوادث الصادمة والتجارب المؤلمة التي مررت بها تأثير كبير وعندما يبقى ذلك الأثر مستمرة معك ومرافق لك

هل تعرضت لحادث مؤلم أو مررت بتجربة قاسية؟ هل تشعر بأنك لست كما كنت في السابق؟ هل تعاني من الخوف أو التوتر والقلق؟ هل أنت غير قادر على التوقف عن التفكير بتلك الحادثة أو التجربة؟ إذن قد يكون اضطراب ما بعد الصدمة هو ما تعاني منه.

فما هو اضطراب ما بعد الصدمة ؟ وما هي الأعراض التي ترافقه؟ وما هي أهم الأسباب وعوامل الخطر التي ترفع احتمال التعرض له؟ والأهم كيف يتم التعامل معه وعلاجه؟ إليك كل ما يخصه فيما يلي.

ما هو اضطراب ما بعد الصدمة ؟

ما هو اضطراب ما بعد الصدمة ؟

من الطبيعي أن يترافق التعرض لحادث مؤلم أو صدمة قاسية بالخوف والقلق والحزن وأن تملك تلك الحوادث العديد من الآثار، ولكن في حال استمرت لمدة طويلة أو كانت تأخذ بالتطور فعندها يمكن أن يكون اضطراب ما بعد الصدمة هو ما تعاني منه.

على الرغم من أن معظم الأشخاص يربطون اضطراب ما بعد الصدمة بالحروب أو حوادث الموت أو التعرض للعنف أو الاغتصاب، ولكن الحقيقة هي أن كل الحوادث المزعجة التي يتعرض لها الشخص يمكن أن تكون سبب في الاضطراب وذلك يتبع قابلة الشخص وقدرته على التعامل مع ما يمر به.

يمكن أن يعاني من اضطراب بعد الصدمة الشخص نفسه الذي تعرض للحادث أو الصدمة، أو الشخص الذي شهد الحادث أو الشخص الذي شهد آثار الحادث (مثل عمال الطوارئ والإنقاذ وأخصائي الطب الشرعي…) كما أنه يمكن أن يظهر لدى الأطفال الصغار نتيجة خضوعهم لجراحة أو علاج ما بدون أن يكونوا قادرين على فهم ما يجري لهم.

اضطراب ما بعد الصدمة والاستجابة الطبيعية

بعد المرور بتجربة مؤلمة فإنه من الطبيعي أن يكون الجسم والعقل في حالة صدمة، والتي يمكن أن تتمثل بأعراض مثل القلق والخوف والحزن وعدم التوازن مع وجود صعوبة في التوقف عن تذكر ما حدث والتفكير فيه أو المعاناة مع الكوابيس والأحلام التي تعيد إليك ذكريات الحادثة، ولكن هذه ما هي إلا ردود فعل طبيعية، ويمكن أن تستمر أيام أو أسابيع ولكنها تتلاشى تدريجيًا.

ولكن بالنسبة لاضطراب الصدمة فالأعراض لا تتلاشى أبدًا على العكس تكون شديدة ومستمرة لأكثر من شهر مع عدم قدرة الشخص على التحكم بها، ويمكن تشبيه الأمر بأنه غير قادر على هضم الأحداث التي مر بها أي أنه يعاني من عسر هضم نفسي للتجارب السابقة المؤلمة.


أعراض اضطراب ما بعد الصدمة

أعراض اضطراب ما بعد الصدمة

بعد التعرض لصدمة ما أو المرور بتجربة مؤلمة فإن الاستجابة الناتجة عنها تختلف من شخص لآخر، إلا أن هناك 4 أنواع أساسية من أعراض ما بعد الصدمة وهي:

  • إعادة التجربة المؤلمة مرات عدة وتذكرها وتخيلها، ويمكن أن يكون ذلك بشكل هلوسات سمعية أو بصرية وهي تحدث نتيجة وجود محفز معين وبدون قدرة الشخص على التعامل معها.
  • التبلد أو التجنب والخدر فيمكن أن يلجأ الشخص للابتعاد وتجنب كل ما من شأنه أن يذكره بالحادث وفقدان كل الاهتمام بالأشياء التي تخصه، ويمكن أيضًا أن يعاني الشخص من خدر في أجزاء من جسده التي تعرضت للحادث فيمكن ألا يكون قادر على تحريك يده على سبيل المثال بدون وجود أي سبب عضوي لذلك.
  • التوتر والقلق وفرط الحركة والتهيج الملحوظ وردود الفعل العنيفة فيمكن أن يظهر الشخص غضب شديد اتجاه أمر لا يستحق ذلك، كما أنه يمكن أن يعاني من الأرق واضطراب النوم.
  • تغيرات في المزاج يمكن أن تتمثل في الشعور بالغرابة أو الانعزال والوحدة، بالإضافة إلى اضطرابات في القدرات الفكرية والتشويش وصعوبة التركيز والتذكر، وفي كثير من الأحيان يترافق اضطراب بعد الصدمة بتغيرات المعتقدات والأفكار التي كان يثق بها الشخص.

ملاحظة: يمكن أن يظهر الاضطراب بعد التجربة المؤلمة مباشرة ويمكن أن يحدث بعد ساعات أو أيام أو أسابيع، وفي بعض الأحيان يظهر بعد سنوات من اختبار الحدث المؤلم.

أعراض اضطراب ما بعد الصدمة عند الأطفال

تختلف أعراض اضطراب ما بعد الصدمة عند الأطفال وخاصة الأطفال الصغار عن الأعراض التي يبديها البالغين، وهذه الأعراض تشتمل على:

  • التعلق الشديد بالوالدين والخوف من الابتعاد عنهما.
  • صعوبة في التركيز وتراجع في القدرات الفكرية وفقدان المهارات التي تم اكتسابها، مثل أن يكون الطفل غير قادر على أن يستخدم المرحاض بعد التدرب على ذلك.
  • اضطرابات النوم والمعاناة من الكوابيس والأحلام المزعجة.
  • اضطراب أو خوف ورهاب قد لا يكون له أي علاقة بالصدمة، يمكن أن يتمثل بالخوف من الظلام أو الخوف من الوحوش…
  • يمكن أن يمثل الطفل الصدمة أو الحادثة التي مر بها في الرسومات التي يقوم برسمها أو الألعاب التي يلعبها أو في القصص التي يخبرك بها.
  • المعاناة من أو جاع جسدية بدون وجود سبب عضوي لها.
  • السلوك العدواني فيكون الطفل عصبي ويلاحظ عليه التوتر والتهيج بشكل شبه دائم.

هل تعاني من اضطراب ما بعد الصدمة؟

في حال كنت تعاني من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة فيمكنك التحقق من ذلك عن طريق الاختبار التالي: (في حال أجبت بـ “نعم” عن 3 على الأقل من الأسئلة التالية فمن المحتمل أنك تعاني من الاضطراب ولا بد من الحصول على استشارة أخصائي نفسي)

  • هل مررت بحادث مؤلم أو تجربة صادمة؟
  • هل التجربة المؤلمة التي مررت بها جعلتك تشعر بالكثير من الخوف أو العجز أو الرعب الشديد؟
  • هل تواجه مشكلة في التوقف عن التفكير في تلك التجربة وفي إزالتها من دماغك؟
  • هل بعد تلك التجربة أصبحت أكثر قلق وعصبية وتوتر؟ هل بدأت بالغرق في نوبات الغضب بشكل أسرع من قبل؟
  • هل تحاول تجنب المواقف والأشخاص والأماكن والأحداث التي تعيد إليك ذكريات وأفكار عن تلك التجربة؟
  • هل تعاني من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة لمدة أكثر من شهر؟
  • هل أعراض اضطراب ما بعد الصدمة التي تعاني منها تتميز بأنها متزايدة ولا تخف؟
  • هل تجد صعوبة في القيام بالأعمال والمهمات نتيجة آثار تلك الحادثة؟

أسباب اضطراب ما بعد الصدمة النفسية

أسباب اضطراب بعد الصدمة النفسية

للأسف يمكن أن ينتج اضطراب بعد الصدمة النفسية عن الكثير من الحوادث ومختلف التجارب الحزينة والمؤلمة والمخيفة، ومن ضمنها الحروب والقتال أو الإهمال والتعرض للعنف خلال مرحلة الطفولة أو حادث أليم أو كوارث طبيعية أو مأساة ومصيبة شخصية وغيرها، وأهم الأمثلة عن ذلك:

  • التعرض لصدمات نفسية وعاطفية أي في حال واجهت مجموعة أحداث أو حدث واحد بحيث ترك أثر كبير وجعلك تشعر بالعجز وعدم القدرة على المواجهة والتعامل معه كما لو كنت قد فقدت السيطرة.
  • الشعور بعدم الأمان وافتقاد الثقة، وخاصة في مرحلة الطفولة كالتعرض لسوء المعاملة من قبل الأهل أو التعرض للتنمر من الأشخاص المحيطين.
  • فقدان شخص عزيز بالنسبة لك أو تعرضه لحادث مؤلم.
  • الصدمات التي تنتج عن التعرض لاغتصاب أو اعتداء يمكن أن تكون ذات أثر بليغ على النفسية فتجعل الشخص محطم يعاني من الكثير كالخوف والرهاب والكوابيس وغيرها…

عوامل الخطر

من المستحيل توقع الأشخاص الذين سوف يصابون باضطراب بعد الصدمة وذلك كونها استجابة نفسية تعتمد على طريقة تعامل الفرد مع كل حدث، إلا أن هناك مجموعة من العوامل التي تزيد من احتمال التعرض للصدمة وهذه العوامل تعتمد بشكل كامل على طبيعية التجربة التي يمر بها الشخص.

فكلما كانت هذه التجربة مؤلمة أكثر وتهدد حياة الشخص وسلامته، وكلما كانت تملك آثار على المدى الطويل مثل التعنيف والاغتصاب والتعذيب فإن احتمال التعرض لصدمة نفسية يكون أكثر بكثير فتلك الأحداث تميل لتكون ذات تأثير كبير على الحالة النفسية أكثر من الحوادث والكوارث الطبيعية.

ويمكن اعتبار أهم عوامل الخطر هي:

  • المرور بتجارب صادمة في السابق وبشكل خاص في حال كانت خلال مرحلة الطفولة.
  • وجود تاريخ عائلي مع الاضطراب الذي يلي الصدمة أو مع الاكتئاب والحالات النفسية الأخرى.
  • التعرض لاعتداء جسدي أو جنسي وتكرار ذلك.
  • المعاناة من الاضطرابات النفسية المختلفة وأهمها: الاكتئاب – اضطراب القلق – الهلع…

علاج اضطراب ما بعد الصدمة

علاج

1 – تعامل مع شعورك بالعجز وتحدى ضعفك

إن علاج اضطراب بعد الصدمة عبارة عن علاج تدريجي ومستمر فلا يمكن التخلص من الاضطراب بين يوم وليلة، والذكريات التي تعيد إليك المشاعر المزعجة لا تختفي في غمضة عين لذا يمكن لهذا الأمر أن يجعلك تشعر بصعوبة الحالة، ولكن في الوقت ذاته هناك الكثير من الخطوات والأشياء التي يمكنك القيام بها لأجل التخلص من كل الأعراض.

ويمكن اعتبار أن التغلب على عجزك والشعور بالضعف الذي يجتاحك هو الخطوة الأساسية التي تضمن لك التعامل مع الصدمة، لذا عليك باستمرار أن تتذكر نقاط القوة التي تملكها والمهارات التي تتميز بها.

كما أن القيام بالأشياء الإيجابية يمكن أن يكون من أفضل الطرق التي تخلصك من الشعور بالضعف وأهم تلك الأشياء: القيام بالأعمال التطوعية – تقديم المساعدة للآخرين – التأمل والاسترخاء – قصاء المزيد من الوقت مع أشخاص يتمتعون بالكثير من الإيجابية – تجنب العادات غير الصحية مثل التدخين…

قد يعجبك: 17 طريقة لـ شحن نفسك بالطاقة الإيجابية

2 – عليك أن تتحرك وأن تكون أكثر نشاطًا

لا يتوقف دور التمارين الرياضية بأنها تطلق الأندروفين الذي يحسن حالتك النفسية ويرفع مزاجك بل من خلال التمارين أنت تركز على جسدك وبالتالي تضع حد للذكريات والتوتر والقلق الذي يفرض سيطرته.

والأمر في غاية البساطة فلست بحاجة لنادي رياضي ولا لأدوات رياضية ومعدات خاصة كل ما هناك هو القيام ببعض التمارين الهوائية أو السير أو الجري كل يوم لمدة تتراوح بين 15 – 20 دقيقة واستنشاق الهواء النقي.

أيضًا من المهم ألا تستسلم لأعراض الاضطراب التي تجعلك هادئ ومتعب بل عليك أن تتحداها وأن تكون نشيط، أي قم بالأعمال المنزلية واعتمد على الأدراج بدلًا من المصعد واذهب سيرًا على الأقدام إلى الأماكن القريبة بدلًا من اعتماد السيارة.

قد يعجبك: نصائح للتمارين الرياضية … 15 نصيحة قادرة على دفعك للالتصاق بالرياضة

3 – احصل على الدعم من الأشخاص الذين تثق بهم

أعراض ما بعد الصدمة يمكن أن تتمثل في رغبتك بالانعزال عن الآخرين والانفصال عن المجتمع والأشخاص المحيطين بك، ولكن على الرغم من ذلك فإنه من المهم أن تبقى على تواصل على الأقل مع الأشخاص القريبين منك والذين تثق بهم لتحصل على الدعم منهم.

جرب القيام بالأنشطة المختلفة مع الأشخاص من حولك فليس من الضروري أن تتمحور كل أحاديثكم وكل ما تقومون به حول الحادث الذي تعرضت له أو التجربة التي مررت بها، بل اجعل هذا التواصل طريق لنسيان تلك الذكريات.

أيضًا جرب الانضمام إلى المجموعات التي تقوم بالأعمال التطوعية أو المجموعات التي تهتم بالأنشطة الترفيهية، وإن كنت تشعر بصعوبة الأمر فليس عليك أن تقوم به بشكل مستمر ولكن حافظ على هذه النشاطات بين الحين والآخر.

4 – تعامل مع الصدمة عن طريق التعبير عن مشاعرك

إن اضطراب بعد الصدمة بشكل أساسي ينتج عن عدم قدرتك على تقبل الحدث الذي مررت به، وقد يجعلك هذا غير قادر على التحدث عنه، ولكن مجرد تعبيرك عن المشاعر التي تخصه سيجعلك أكثر قدرة على التخلص منه، في البداية قد يكون الأمر صعب لذا يمكنك الحصول على مساعدة من الآخرين كالاستماع إليهم.

5 – احصر على المساعدة من قبل أخصائي الصحة النفسية

في حال كنت تشك بأنك تعاني من الاضطراب أو أن أحد أفراد أسترك أو المقربين منك يعاني منه فلا بد من الحصول على مساعدة أخصائي صحة نفسية بشكل مباشر، فالعلاج المبكر هو أفضل الطرق وأسرعها وخاصة وأن الأعراض التي ترافق الاضطراب يمكن أن تملك تأثير كبير ليس فقط على الشخص وحده بل على الأشخاص المحيطين به أيضًا.

6 – عليك الاعتماد على نمط حياة صحي

قد تكون الأعراض ذات تأثير كبير على صحتك وجسمك لذا من المهم اعتماد نمط حياة صحي، لذا تأكد من النقاط التالية:

  • الحصول على القدر الكافي من الراحة والاسترخاء.
  • الحصول على ما تحتاجه من النوم والتعامل مع اضطراباته المختلفة إن كانت متمثلة في الأرق وقلة النوم أو إن كانت كثرة النوم.
  • تجنب العادات غير الصحية كالتدخين وتناول الكثير من السكريات أو إدمان المخدرات أو الكحول.
  • اتباع نظام غذائي صحي متوازن وشرب كمية كافية من الماء.

على الرغم من أن الأمر يبدو صعب ولكن في الحقيقة يمكنك التعامل معه، ولكن لا تكبت ما تشعر به وتعاني منه بل واجهه وتعامل معه.

المصادر

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله