انتشرت بكل أسف نوعية من الغناء وهي أغاني المهرجانات وهم أرادوا لها أولًا أن تكون لونًا من الموسيقى ولكن الحقيقة أنها وبسبب كثرة انتشارها أصبحت أسلوبًا للحياة فأصبحنا نعيش في مهرجان، لذلك تلك المقالة بين أيديكم عن تأثير أغاني المهرجانات علينا.
لعل القاسم المشترك بين كل أغاني المهرجانات هو عنصر الإلهاء فصانعوها يعلمون جيدًا أن لهم منافسين لذلك هم يلعبون دومًا على عنصر الإلهاء سواء كان بمس وتر حساس لدى الشباب أو كان ذلك بعلو الصوت المبالغ فيه والذي يلهي أيضًا الشباب.
السر وراء انتشار أغاني المهرجانات
بدأت من خلال ما يسمى بالدي جي
فالبداية كانت قوية جدًا عندما قرر متعهدي الأفراح المعروفين أن يتميزوا عن غيرهم من المتعهدين فقدموا ذلك اللون من الموسيقى والحقيقة أنه لم يكن مخطط له أن ينجح بهذه القوة والحقيقة أنه ليس نجاح ولكنه انتشار، والسبب في ذلك الفراغ لدى الشباب، كما قال الشاعر “فصادف قلبًا خاويًا فتمكن”.
ثم انتشرت تلك الأغاني مثل النار في الهشيم وساعد في ذلك مؤخرًا استعانة بعض مؤلفي السينما وبعض منتجي الأفلام السينمائية بتلك النوعية من الموسيقى لأنها رائجة بل وساعدوها جدًا وأنفقوا عليها الكثير لتخرج في أبهى الصور، مما جعلني مُصرًّا على فكرة أن المهرجانات أسلوب حياة أكثر منها لون موسيقي.
تناقش موضوعات في الواقع
الحقيقة فعلًا أن أغاني المهرجانات تمس موضوعات في واقعنا ولكن بصورة سيئة جدًا، فليس مهمًا أن أقدم لك وردة ولكن المهم أني كيف أهدها لك فهل أقذفها في عينك فأفقأها أم أضعها في بوكيه لامع وملون، فالفن تناول في المقام الأول وليس محتوى.
وبالطبع الحجة في تقديم محتوى أغاني المهرجانات بهذه الطريقة هو أن الجمهور يريد هذا، وهذه حجة فاشلة فبعض فئات الجمهور تريد الأفلام الإباحية لماذا لم نقدمها لهم، فليس كل ما يريده الجمهور يُفترض أن نقدمه لهم، والموسيقار حلمي بكر له وجهة نظر في هذا الموضوع من خلال هذا المقطع.
https://youtu.be/3KaUQixRhNA
تناقش موضوعات خمس لا تخرج عنها
مما يُدَعِم انتشار تلك الأغاني هو أنها تناقش موضوعات خمس لا تخرج عنها، وهي أخلاق النساء السيئة والغني المادي وأحلام الثراء، وبالطبع الخيانة الزوجية هي الموضوع الأهم في تلك الأغاني، والمخدرات بأنواعها المختلفة، بالإضافة لانتشار فكر الضحية والمظلومية في أغانيهم بكثرة.
لذلك هم ثابتون عند تلك الأفكار والموضوعات والتي روجوا لها فأصبحت بضاعتهم والتي تستهدف في الغالب أناس معينين من سائقي التو توك أو الميكروباص.
مربحة اقتصاديًا
فأغاني المهرجانات هي في النهاية صناعة تُدر لصانعيها آلاف الجنيهات رغم تواضع صناعتها، وهم كمنتجون لتلك الأغاني يعلمون جيدًا أنهم سينفقون مثلًا مئة ألف جنيه فستُرد لهم في القريب العاجل مليون جنيه وبالطبع ذلك عن طريق الحفلات والأسطوانات واللقاءات التليفزيونية، والتسويق لبضاعتهم على اليوتيوب.
غياب الرقابة
سواء غياب الرقابة الأسرية أو الرقابة من الدولة على ذلك النوع من الأغاني، وستتعجب عزيزي القارئ عندما تعلم أنه في زمن ما وفي دولة ما تم رفض أغنية للمطرب “حسن الأسمر” من قبل الرقابة لأن فيها لفظ يهدم الذوق العام وهو “أنا هو وأنت هو” تخيلوا كما كنا رقباء.
سهولة صُنعِها
فأغلب تلك الأغاني مصنوعة بأقل التكاليف وبدون إمكانيات هندسية وفنية تُذكر، وبالطبع يستخدم صانعوها فلاتر صوتية مثل “الأوتو تيون” لتصحيح مخارج الحروف والنشاز في الجمل اللحنية حيث أن جميع من يغنون المهرجانات أصواتهم من أردئ أنواع الأصوات على الإطلاق.
تعتمد على نغمة موسيقية واحدة
وهذا من أهم الأمور التي تساعد في انتشار تلك الأغاني بسهولة حيث أن أغلب سامعيها يشعرون أنهم مسلوبي الإرادة أمام أغاني المهرجانات وأحد أهم الأسرار في هذا هو أن تلك الأغاني تقوم على نغمة موسيقية أو إيقاعية واحدة، فعندما تسمع الأغنية لأول مرة تشعر أنك تألفها فتُكمل سماعها حتى تُدمنها.
محاولة التغلب على الشعور بالنقص
فهذه حقيقة ولا حرج في أن أقول إن أغلب من يروجون بأصواتهم السيئة لتك الأغاني هم من أقل الفئات تعليمًا في المجتمع وهم يعلمون هذا جدًا ويعلمون أن عليهم أن يقوموا بالتعويض عن ذلك النقص الذي لديهم بتحقيق شهرة واهية من خلال أغاني المهرجانات، وهذا واضح في مقاطع الفيديو التالية.
التوك توك ساعد في نشرها
تلك وسيلة المواصلات الرائجة والتي بها جهاز كاسيت رقمي فيضع السائق فيه فلاشه معبأة بأغاني المهرجانات ليُحَفِظّها للزبائن رغمًا عنهم، ولا يجرؤ الراكب أن يقول للسائق أخفض الصوت قليلًا وإلا سيلقنه السائق درسًا في سوء الأدب الذي تعلمه من المهرجانات بكل تأكيد.
الأفراح ساهمت في نشرها
فالأفراح لدى كثير من الطبقات ولدى كثير من المجتمعات تُستخدم لتسويق تلك الأغاني الهابطة جدًا ولا يقتصر ذلك على الأفراح الشعبية بل في أرقى العائلات المعروفة يُحضرون أولئك المغنيين ليخرجوا علينا تلك الفضلات الفكرية المسماة أغاني المهرجانات.
السوق الرقمي
أول من طور السوق الرقمي ستيف جوبز مؤسس شركة أبل الشهيرة والتي كان من ضمن منتجاتها تحويل الأغاني من شرائط كاسيت أو أسطوانات مضغوطة إلى ملفات MP3 مما ساهم في انتشار تلك الأغاني، فقط يحملها واحد من الناس وينقلها للجميع.
تأثير أغاني المهرجانات على شخصية سامعها
الفكرة الأساسية هي ما أسماها الدكتور أحمد خليل خير الله منهجية العربية 128، تلك السيارة القديمة جدًا والمتهالكة والتي ذهب صاحبها للميكانيكي ليُصلحها حيث أن صوت محركها عالٍ جدًا فأشار عليه الميكانيكي الشرير بفكرة خبيثة وهي أن يقوم مالك العربة برفع صوت الكاسيت فبذلك لن يسمع صوت المحرك.
وهنا حدثت مشكلتان أولها أنك بفعل الدوشة الصادرة عن الكاسيت العالي الصوت لن تسمع شيئًا والكارثة الثانية أنك ستصحوا في يوم ما وتجد المحرك متهالك للغاية لأنك سددت أذناك ولم تصلحه.
تجعلك ضحية للظروف
فهي تصبرك وتسلي من همومك وتعلمك الحل السحري لأي مشكلة تقابلها وهو الشكوى والشكاءين في الغالب لا يُصلِحون ولا يُصلَحون، هم فقط يخلقون مبررات كثيرة جدًا لفشلهم المستمر والنهاية تجد نفسك فريسة لتلك السلسلة من “الصعبانيات” التي تقدمها أغاني المهرجانات وتتحول في النهاية لإنسان سلبي.
تلهيك عن أهدافك
فأنت من فرط علو الصوت سواء بشكله المادي أو حتى علو صوت تلك الأفكار الموجودة في أغاني المهرجانات لن تجد وقتًا لكي تحقق أي هدف من أهدافك هذا وإن وجدت تلك الأهداف، وستلهيك تلك الأغاني لا محالة مهما كانت قوتك لأنها متنوعة وتقريبًا كل دقيقة تُنتَج مئات من تلك الأغاني.
تواسيك وتجعلك ترضى بالقليل
كثير من أغاني المهرجانات يتم فيها تناول قضايا كبيرة كالرضا مثلًا بطريقة سطحية جدًا تدعوا للتواكل وفيها رضا بالقليل من الرزق والقليل من النجاح وتجدهم يقولون في أغانيهم أن “الدنيا معانده معانا”.
وبالطبع سيخرج من يقول إن الرضا أمر جميل ومُستحب ولكن الحقيقة أن أغاني المهرجانات تسوق لنوع آخر من الرضا وهو في الحقيقة خنوع وذُل ورضا بالقليل وقناعة من نوع حقير، كما أننا ليس لدينا دليل على أن الرزق الذي في أيدينا هو نصيبنا الذي نستحقه لذلك نحن نستمر في العمل.
تهدم الثقة بين الناس
فجملة تلك الأغاني مبنية على فكرة هدم الثقة بين الناس وأن البشر جميعهم خائنين تحديدًا النساء فلو كان المغني رجلًا أو ذكرًا بالأحرى، أما لو كانت التي تغني امرأة فالرجال كلهم خائنون ولا يوثق فيهم، وبالطبع كما قلنا تلك بضاعة رائجة لدى المُحبَطين.
تحولك لبلطجي
كثير من الأغاني فيها إشارات واضحة للبلطجة وحتى هم عندما يصورون تلك الأغاني في صورة فيديو كليب تجدهم يحملون الأسلحة البيضاء دون تقدير لأنهم بذلك يبثون البلطجة في المجتمع في ظل غياب الرقابة، ناهيك عن الألفاظ والتي فيها معاني توحي بفرض آرائهم بالقوة على الجميع.
تجعلك تقلدهم في كل شيء
فأغاني المهرجانات تصنع مقلدون لها فكثير من الشباب حددوا هدفهم وهو أنهم سيصبحون من مغنيين المهرجانات وبالطبع ليس للعلم دور وليس للأخلاق ولا للثقافة دور في هذا فقط جهاز كمبيوتر وميكروفون رديء الجودة وكلمات هابطة ومعتادة ثم يتحول الواحد منهم لنجم للحفلات الصاخبة.
تهدمك أخلاقيًا
بالطبع فأغاني المهرجانات مليئة بالألفاظ الخارجة والتي لا تناسب أي بيئة كانت فيما يخص الخمور والمخدرات والألفاظ الخادشة والتي قد تقدمها النساء في بعض الأحيان والإيحاءات الجنسية المنفلتة، وللأسف في بعض الأحيان يكون الأطفال عُرضة لتعلم تلك الألفاظ في ظل غياب التربية.
تدعوا لتعاطي المخدرات
فرفقاء الدرب لأغاني المهرجانات هما شيئين زجاجة الخمر أو البيرة ومخدر الحشيش حتى أن بعض المطربين يدعوا في أغانيه لعدم شرب الحشيش أو يدعي ذلك وهو يغني أغانيه وسط مدمني الحشيش في الأفراح وهذا نقاش حول تلك الفكرة السخيفة من خلال الفيديو التالي.
تُفسِد الذوق العام
قديمًا كانت هناك هيئة رقابية ترفض الكثير من الأغاني لأنها تحتوي على بعض الألفاظ الغير مناسبة أما الآن فالرقابة موجودة ولكنها غير مُفعلة أو الحقيقة، كما أن الرقابة الذاتية التي بداخلنا تبخرت فأصبحنا نسوق لتلك الأغاني ونسمعها والبعض ممن يكتبون تلك الكلمات الخاصة بأغاني المهرجانات يسمي نفسه شاعرًا.