ما هو Google FLoC – نظام الإعلان عبر الإنترنت الذي يحمي خصوصيتك

أحدثت ملفات تعريف ارتباط الطرف الثالث ثورةً حقيقية في عالم الإنترنت، بفضل هذه الملفات الصغيرة التي يتم تثبيتها على متصفح الويب، تستطيع الشركات الإعلانية تتبع نشاط المستخدمين ومعرفة الأشياء التي تهمهم، وهذا يساعدها على تقديم إعلانات مخصصة لهم.

لكن رغم ذلك، أثير منذ سنوات نقاشٌ حول خصوصية المستخدمين، فهذه الملفات تجعل مواقع الويب وشركات الإعلانات قادرة على معرفة الكثير عن المستخدم وعما يفعله على شبكة الإنترنت، وفي السنوات الأخيرة، قامت العديد من متصفحات الويب – مثل متصفح سفاري ومتصفح فايرفوكس وغيرها – بحظر ملفات تعريف الطرف الثالث بشكلٍ تلقائي.

استجابت شركة غوغل للمخاوف المتعلقة بالخصوصية، وأعلنت أنها طورت تقنية جديدة بديلة لملفات تعريف ارتباط الطرف الثالث، توفر التقنية الجديدة إمكانية تقديم إعلانات مخصصة للمستخدمين دون التعرف عليهم أو تسجيل نشاطهم الشخصي.

تعرف التقنية الجديدة باسم Google FLoC، وهي بديل لملفات تعريف الطرف الثالث في متصفح غوغل كروم.

ما هي تقنية Google FLoC؟

تعد تقنية Federated Learning of Cohorts المعروفة اختصارًا بـ FLoC تقنية إعلانية تجمع “مجموعات كبيرة من الأشخاص الذين لديهم اهتمامات متشابهة”، باستخدام البيانات التي يتم جمعها في المتصفح، دون أن يتم تخزينها في أي مكان.

بمعنى أخر، بدلًا من التعرف على اهتمامات كل مستخدم على حدى، سيتم تجميع المستخدمين الذين لديهم اهتمامات متشابهة في مجموعات لاستهدافهم بإعلانات مطابقة لاهتماماتهم، هذا يعني أن شركات الإعلان لن تكون قادرة على معرفة اهتمامات شخص معين، لأن معلومات كل مستخدم ستكون ضمن مجموعة كبيرة من معلومات المستخدمين الأخرين مجهولي الهوية.

كيف يعمل الاستهداف بتقنية FLoC؟

البيانات التي يتم جمعها ومشاركتها مع شركات الإعلان واستخدامها لتقديم إعلانات مخصصة ستكون ضمن حشد من آلاف الأشخاص، دون الكشف عن هويتهم.

تستخدم التقنية خوارزميات التعلم الآلي لتحليل بيانات المستخدم ثم إنشاء مجموعة تتضمن آلاف الأشخاص استنادًا إلى المواقع التي زاروها. يتم تحليل هذه البيانات محليًا في المتصفح وليس في خوادم الشركات، وبعد أن يتم تجميع المستخدمين في مجموعات، تستخدم هذه المجموعات في الإعلانات المستهدفة.

في الاختبارات التجريبية، أثبتت تقنية الاستهداف هذه فعاليتها وأعطت نتائج جيدة، فبعد مقارنة نتائج الإعلانات التي تستخدم هذه التقنية مع الإعلانات التي تستخدم ملفات تعريف ارتباط الطرف الثالث، تبين أن التقنية الجديدة التي تركز على الخصوصية يمكن أن تحل محل ملفات تعريف ارتباط الطرف الثالث بشكلٍ فعال.

يمكن للمعلنين أن يتوقعوا رؤية ما لا يقل عن 95٪ من التحويلات في المتوسط لكل دولار يتم إنفاقه مقارنة بالنُهج القائم على ملفات تعريف الارتباط.

بدأ توفير هذه التقنية تجريبيًا على متصفح كروم من شهر مارس/آذار 2021، ومن المتوقع أن تصبح مستخدمة في إعلانات غوغل في الربع الثاني من عام 2021. وحتى يتم ذلك، يمكن للشركات والأفراد المهتمين أن يتعرفوا عليها، فنظام محاكات الإعلانات القائم على تقنية FLoC موجود على موقع GitHub، حيث قامت غوغل بجعله متاحًا للجميع.

هل سيتم الاستغناء عن ملفات تعريف الارتباط؟

العديد من أنواع ملفات تعريف الارتباط وبيانات المستخدمين يتم جمعها بشكلٍ غير مباشر عن طريق متصفحات الإنترنت أو المواقع الإلكترونية، وقد كانت هناك العديد من الفضائح التي كشفت كيف يتم بيع هذه البيانات وشراؤها على نطاقٍ واسع.

لهذا السبب، قررت بعض المتصفحات الشهيرة (مثل سفاري وفايرفوكس وغيرها) حظر ملفات تعريف ارتباط الطرف الثالث تلقائيًا لجميع المستخدمين، لكن هذا الإجراء سيعني خسائر كبيرة للمعلنين وشركات الإعلان، وهذا ما يبرر الحاجة لنهج بديل.

حتى الآن، يعتبر متصفح غوغل كروم متخلفًا عن المتصفحات الأخرى في حماية الخصوصية، فهو لا يحظر ملفات تعريف ارتباط الطرف الثالث تلقائيًا، على الرغم من أن المستخدم يستطيع حظرها بنفسه من الإعدادات.

إن تطوير بديل لملفات تعريف الارتباط يمثل تحديًا كبيرًا، فقيمة نظام الإعلان الرقمي القائم على ملفات تعريف الارتباط تصل إلى 330 مليار دولار في السنة.

تبذل شركة غوغل جهدًا كبيرًا يهدف إلى حماية خصوصية المستخدمين من جهة، وإمكانية استهدافهم بالإعلانات من جهةٍ أخرى.

من الواضح أن الأخبار التي تفيد بأن غوغل على وشك تقديم تقنية ستحل محل ملفات تعريف الارتباط قد خلقت توقعات كبيرة واهتمامًا واسعًا، لأن إحدى المشكلات الرئيسية التي تمنع التخلص من ملفات تعريف الارتباط هو عدم وجود حل بديل وفعال.

تعد تقنية FLoC جزءً من مبادرة تم إطلاقها من قبل غوغل في بداية عام 2019 وأطلق عليها اسم “Privacy Sandbox”، المبادرة عبارة عن مجموعة من القواعد التي تهدف في النهاية للتخلص التدريجي من ملفات تعريف الارتباط في مجال الإعلان واستبدالها بتقنية تحترم الخصوصية.

تدرك غوغل وشركات أخرى مثل فيسبوك أن الإعلان ضروري ليبقى الإنترنت مفتوحًا ومتاحًا للجميع، ولكن نظام الإعلان الحالي معرض للخطر إذا لم يتكيف مع متطلبات خصوصية المستخدمين الذين يريدون أن تكون معلوماتهم وبياناتهم بأمان وألا تكون هويتهم معروفة عند استخدامهم شبكة الإنترنت.

ما هو موقف الشركات الأخرى من التقنية الجديدة؟

ما تزال غوغل تعمل بمفردها على تطوير تقنية الإعلان الجديدة التي ستحل محل ملفات تعريف ارتباط الطرف الثالث. فقد رفض كل متصفح رئيسي قائم على مشروع كروميوم Chromium استخدامها حتى الأن، ومن غير الواضح ما الذي سيعنيه ذلك لمستقبل الإعلان على الويب.

ذكر القائمون على متصفح بريف Brave أن تقنية FLoC تضر بخصوصية المستخدم تحت ستار حماية الخصوصية، كما قال القائمون على متصفح فيفالدي Vivaldi إن متصفحهم لن يدعم FLoC وأنهم يخططون لتعطيله.

محرك البحث الشهير DuckDuckGo الذي يركز على الخصوصية أعلن أنه حظر تقنية FLoC على متصفحه لأجهزة أندرويد وأيفون، ولأنه لا يملك متصفح ويب لأجهزة الكمبيوتر، قدم إضافة يمكن تثبيتها على المتصفحات الأخرى لحظر FLoC.

شركة مايكروسوفت التي تطور متصفح إيدج Edge الذي يعد أشهر متصفح ويب قائم على مشروع كروميوم لم تعلن حتى الآن أنها ستدعم التقنية الجديدة. نفس الأمر بالنسبة لشركة موزيلا التي تطور متصفح فايرفوكس وشركة أبل التي تطور متصفح سفاري.

مؤسسة الحدود الإلكترونية EFF أعلنت أنها تعارض FLoC بشدة، وقد أطلقت موقعًا إلكترونيًا ليعرف مستخدمو متصفح كروم ما إذا كانوا ضمن المستخدمين الذين اختارتهم غوغل لاختبار تقنية FLoC.

مستقبل خصوصية الإنترنت

اتخذت غوغل خطوات جديدة بهدف حماية خصوصية المستخدمين عبر الإنترنت وفي نفس الوقت ضمان عمل شركات الإعلان والناشرين والمعلنين، تظهر النتائج الأولية لـ FLoC بأنها تقنية يمكن أن تثبت نفسها كمرجع جديد ينظم عمل سوق الإعلان الرقمي على الويب.

لا ينبغي لأحد أن يحزن على نهاية ملفات تعريف الارتباط. فمنذ أكثر من عقدين من الزمن، كانت ملفات تعريف ارتباط الطرف الثالث تشكل حجر الزاوية لنظام إعلانات مبتذل يستغل المعلومات الشخصية ليساعد الشركات الكبرى على كسب مليارات الدولارات، وقد تأخرنا كثيرًا في التخلص منها.

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله