إشكالية كتابة الحرف إذًا أم إذن وأيهما الأصح؟

إذُا   أم  إذن …. اللغة العربية رغم رصانتها وقوتها وعراقتها وجمالها غير أن بعض النحوييين أو علماء اللغة قد شغلوا أنفسهم في أمور شكلية لا فائدة منها، منها إشكالية كتابة الحرف إذُا أم إذن.

فهيا نبحث أي الشكلين أسلم وأصوب كتابةً وأحسن شكلًا ولا ندخل نقاشا سفسطائيًا لا طائل ولا فائدة منه.

قضية إذًا أم إذن

لقد حصل خلاف بين علماء اللغة العربية إذا ما كان هناك فرقًا بين حرفي إذا أم إذن فمن بعض هؤلاء وجد بأن كتابتها بالألف المطلقة إذًا والبعض الآخر وجد أن كتابتها بالنون هو الأصح على الشكل إذن، وجماعة أخرى من العلماء اختار التوسط فأجازوا كتابتها بالشكلين صحيح وسليم ولا فرق بينهما، حيث أن الفرق الوحيد الذي يكمن بين هذين الشكلين هو الرسم الإملائي للحرفين، وهذا الرأي أخذ به أعلب علماء اللغة.

على الرغم من أن العلماء الذين وجدوا فرقًا بين الشكلين أوجدوا طريقة لكي يزيلو اللبس الذي قد يقع به طلاب العلم، فقالوا يمكن أن نكتب إذًا بالألف المطلقة عندما تعبر عن ظرف مكان أو زمان أي كانت ظرفية مكانية أو زمانية، أو عند استخدام الأسلوب الشرطي، ويجب كتابتها بالنون على شكل إذن عندما يكون الحديث عن الاستنتاج، وفي حالة واحدة أخرى وهي إنها عندما تأتي قبل الفعل المضارع المنصوب فتكتب أيضًا على الشكل إذن بالنون.

وهذا لم يرض الكثير من علماء اللغة مثل العلّامة المبرّد (cool professor) والذي هو واحد من علماء اللغة الذين تنوعت معارفهم وتشعبت ثقافاتهم، وشملت الفنون والعلوم وقد غلبت عليه العلوم البلاغية (Rhetorical sciences) والعلوم النقدية (Critical sciences) والعلوم النحوية (Grammar sciences)، وهو من أعظم علماء البلاغة والنقد والنحو وقد فال وهذا الكلام للمبرّد  نفسه: “أشتهي أن أحرّق يد من يكتب إذن بالألف المطلقة  I desire to burn the hand of everyone who writes (then) in the absolute thousand)).


حالات كتابة إذًا أم إذن

حالات كتابة إذًا أم إذن

كما قلنا بداية يوجد شكلان لكتابة هذه الكلمة (إذن) تكتب بالنون أو (إذًا) بالألف في حالات متعددة هي:

  • أولًا

 تكتب بالألف أي بالتنوين عندما ترد كحشو الكلام قبل حرف الواو وحرف الفاء اللذان هما في الأصل حرفي عطف، حيث يقومان بعطف الفعل المضارع ولا يعطفان الفاعل وهذال مثال على ذلك، قال الله تعالى في كتابه العزيز: (وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلا قَلِيلا)، الآية رقم (75) من سورة الإسراء، وهكذا فإن (إذًا) هنا مهملة لاقترانها بحرف العطف الواو هي لا تنصب ما يليها وبالتالي فالغعل (يلبثون) معطوفًا على الفعل (يستفزونك) بدون عطف الفاعل، وبالتالي فتكتب (إذًا) بالألف أو التنوين.

  • ثانيًا

وذكر بعض علماء النحو أن (إذًا) تكتب على هذا الشكل بالتنوين إذا لم تقم بنصب الفعل المضارع.

كتابة (إذن) على هذا الشكل النون

  • قال بعض علماء النحو بأن كتابتها بهذا الرسم بالنون لا يتغيّر إذا ما تم الوقوف عليها، وذلك بسبب تشابهها في عملها مع الحرف (أنّ) والحرف (لن)، ومن هؤلاء النحاة العالم الجليل (المبرّد) حيث كان يقول أنها أي (إذن) تتم كتابتها على هذه الهيئة بالنون في جميع أحوالها سواء عملت كناصبة للفعل المضارع أم لا، وفسر قوله بأنها سواء كانت قد أتت حشوًا في الكلام أم قبل حرفي الإستئناف (الفاء وحرف الواو).
  • وإذا عملت أو قامت بنصب الفعل المضارع كتبت (إذن) بهذه الهيئة أي بالنون.

حالات كتابة (إذن أم إذًا) بالشكلين

  • إذا عطفت (إذن) على جملة لا محل لها من الإعراب جاز لها أن تقوم بنصب الفعل المضارع أو لم تقم بنصب الفعل المضارع جاز أ، تكتب (إذن أم إذًا) بالشكلين ومثالنا على ذلك ما يلي:

(إن يعمل التلميذ بجد وإذًا تزداد مسؤوليته يفرح بنجاحه) هنا أتت جملة (يعمل التلميذ بجد) فعل الشرط، وبالتالي فهي هنا لا محل لها من الإعراب مما يجيز لنا كتابتها على هيئة (إذن) بالنون، وبالتالي فهي قد نصبت الفعل المضارع، أمّا إذا لم يرد لها أن تنصب الفعل المضار (تزداد) كتبت (إذًا) بالتنوين.


أمور نحوية تتصل بأصل إذن

يذهب جمهور علماء اللغة العربية لاعتبار (إذن) من الحروف البسيطة وغير المركبة، وهذا ما يقوله العالم المالقي (alburufisur allughawiu almalaqiu) حيث يرى بأن الأصل في الحروف البساطة ولا يكون التركيب إلّا بدليل بين وقاطع، ويجد آراء متعددة ومختلفة حول أصل الكلمة (إذن) وهذه بعض الآراء:

  • رأي الكوفيين (أي أهل الكوفة The people of Kufa) من علماء اللغة، وهو أنها أي (إذن) هي اسم ظرف وبالأصل هي (إذا) الظرفية، بيد أن التنوين قد لحقها للتعويض عن الجملة المحذوفة والمضافة إلى (إذا)، ومثالنا على ذلك (كأن تقول: إذن أكرمك) والأصل أن تقول: (إذا جئتني أكرمك).
  • ومن الجدير بنا ذكر بأن (إذن) باعتبارها ناصبة للفعل المضارع فهي تختلف عن أخواتها كونها اسمًا، مما سمح بالفصل بينها وبين الفعل.
  • أمّا أي اللغوي العلّامة الخليل بن أحمد الفراهيدي (Professor Al-Khalil bin Ahmed Al-Farahid …) فقد قال بأن (إذن) هي حرف مركب من حرفي (إذ) و(أن) وكذلك رأي العالم (أبي علي الرندي السهيلي Professor Abi Ali Al Randi Al Suhaili) فهو يرى ذلك أيضًا بأنها حرف مركب من (إذ) و(أن)، ويفسر سبب حذف الهمزة من (أن) بأنه واجب كذلك حذف الألف مثال ذلك (إذ لسهيليًا) وذلك منعًا لالتقاء ساكنين.

الخاتمة

كان هذا مقالًا لغويًا عن إشكالية كتابة (إذن أم إذًن) وكان من المقالات الصعبة في كتابتها لأنه يحتاج إل تبصر باللغة العربية وأصول كتابتها ومعرفة بآراء علماء اللغة العربية وما أكثرها من إشكاليات في كنابة هذا الحرف مع السهولة بذلك في آن معًا.

أرجو أن أكون قد وفقت في تذليل بعض تلك الإشكاليات في كتابة هذا الحرف.

قد يهمك:

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله