ابن سينا – حياته وأفكاره الفلسفية والمنطقية

ابن سينا Ibn Sina هو واحد من أهم الفلاسفة، تعتبر نظريته الفلسفية في التقاليد الإسلامية الهلنستية في العصور الوسطى وصفًا شاملًا ومفصلًا وعقلاني لطبيعة الله وكينونته، لأنه يجد أصناف من الفكر المنطقي في أي مكان منظم للعالم المادي، والروح، والبصيرة، بما في ذلك الجدلية والبلاغة والشعر.

فلسفة ابن سينا تتمحور حول مفهومه للواقع والمنطق، شدد على أهمية اكتساب المعرفة، وتطوير نظرية المعرفة القائمة على أربع مبادئ: إدراك الحس، والاحتفاظ، والخيال والتقدير.

ابن سينا

السيرة الذاتية

ولد ابن سينا ​​عام 370/980م بالقرب من بخارى في آسيا الوسطى، حيث كان والده يحكم قرية في أحد الملكيات الملكية، بدأ دراسة الطب في سن الثالثة عشرة، قراءته علم الطب وخبرته الطبية لفتت انتباه سلطان بخارى، نوح بن منصور، حيث عالجه ابن سينا بنجاح. ونتيجة لذلك، حصل على إذن لاستخدام مكتبة السلطان ومخطوطاته النادرة، مما سمح له بمواصلة بحثه في أساليب المعرفة.

عندما توفي السلطان، ورث عرش الدولة علي بن شمس الدين، وسئل ابن سينا ​​ليصبح وزير له، ولكن كان الفيلسوف يتفاوض للانضمام إلى قوات نجل آخر من الملك الراحل وهو علاء الدولة الحمداني، فذهب ابن سينا واختبأ ولكنه خلال هذا الوقت قام بتأليف كتاب الشفاء.

أفكاره ومواقفه

يعتبر ابن سينا سابقًا لعصره في مختلف المجالات الفكرية، حيث يعتبر المعلم الثالث بعد أرسطو وأفلاطون وكما عرف بأنه أرسطو الإسلام وأمير الأطباء، متابعته للعلم لم تشغله عن المشاركة في الحياة العامة مع أبناء عصره، فقد تعايش مع أغلب المشاكل في عصره، كما شارك في صنع النهضة العلمية والحضارية.

لم يكن ابن سينا يتقيد بكل ما وصل إليه ممن سبقوه من نظريات، بل كان ينظر إليها كناقد ومحلل، ويحللها في فكره وعقله، حيث يأخذ ما يوافق قلبه وعقله ويزيد عليه من أبحاثه وخبرته ومشاهداته، فكان يقول: إن الفلاسفة يخطئون ويصيبون كسائر الناس، وليسوا معصومين عن الخطأ.

حارب ابن سينا التنجيم وبعض الأفكار التي انتشرت في عصره، وخالف الكيميائيين الذين قالوا إنه يمكن تحويل بعض الفلزات الخسيسة إلى الذهب والفضة، فنفى إمكان حدوث ذلك التحويل، وأعتبره تغيير ظاهري في شكل الفلز وصورته، وفسّر ذلك بأن لكل عنصر تركيبه الخاص الذي لا يمكن تغييره.

اتهم ابن سينا بالزدندقة والإلحاد من نقاده الذين حسدوه بسبب شهرته ومكانته العلميه، ولكنه كان يرد عليهم بقوله: “إيماني بالله لا يتزعزع، فلو كنت كافرًا فليس ثمة مسلم حقيقي واحد على ظهر الأرض”.

إنجازاته العلمية وأهم مؤلفاته

ابن سينا 1

العلوم الفلكية

لقد أبدع ابن سينا في العديد من العلوم والفنون منها في مجال الفلك حيث اسنطاع أن يرصد مرور كوكب الزهرة عبر دائرة قرص الشمس بالعين المجردة، ثم قام بدراسات فلكية في أصفهان، وأثمرت هذه الدراسات العديد من الاستدلالات التي أثبتت صحتها بعد عدة قرون. واستنتج أن الزهرة لا بد وأن يكون أقرب للأرض مما هو للشمس، كما ابتكر أيضًا جهازًا لرصد إحداثيات النجوم. واشتغل بالرصد حيث له في هذا المجال العديد من المؤلفات القيمة منها:

  • كتاب الأرصاد الكلية.
  • كتاب الأجرام السماوية.
  • كتاب في كيفية الرصد ومطابقته للعلم الطبيعي.
  • كتاب إبطال أحكام النجوم.

علم الأحياء

درس علم طبقات الأرض (الجيولوجيا) خاصةً في المعادن وتكوين الحجارة والجبال، واعتبر أنها تكونت من طين لزج خصب على طول الزمان، فتوقع أن هذه المعمورة كانت مغمورة بالبحار، لأنه يوجد داخل الأحجار عند كسرها أجزاء من الحيوانات المائية كالأصداف وغيرها.

كما تحدث عن الزلازل وفسرها بأنها حركة تتعرض لها أجزاء الأرض، وهذه الحركة إما جسم بخاري دخاني قوي الاندفاع أو جسم مائي سيّال أو جسم هوائي أو جسم ناري. وتطرق إلى كيفية تكون السحب.

علم النبات

درس ابن سينا دراسات علمية جادة في مجال النباتات الطبية حيث كان له اهتمام خاص بعلم النبات، قام بالعديد من المقارنات العلمية بين جذور النباتات وأوراقها وأزهارها، ودرس أجناسها ووصفها بشكل علمي، وتحدث عن التربة وعناصرها التي تؤثر في نمو النبات، وبين الاختلاف بين الأنواع النباتية من حيث الطعم والرائحة.

الصيدلة وعلم الأدوية

معرفة ابن سينا بالأدوية سهلت عليه تصنيفها في ست مجموعات، منها أدوية مفردة ومنها أدوية مركبة التي ذكرها في كتابه القانون. فكان لها أثر كبير وقيمة علمية عالية بين علماء الطب والصيدلة، وبلغ عدد الأدوية التي وصفها في كتابه نحو 760 عقَار.

كان يجرب أي دواء جديد يعرفه على الحيوان أولًا، ثم يعطيه للإنسان بعد التأكد من  صلاحيته ومدى الإستفادة منه. وأيضًا تحدث عن التلوث في البيئة وأثره على صحة الإنسان فقال: “فما دام الهواء ملائمًا ونقيًا وليس به أخلاط من المواد الأخرى بما يتعارض مع مزاج التنفس، فإن الصحة تأتي”. وذكر أثر التلوث في ظهور حساسية الجهاز التنفسي.

الطب

ابن سينا الملقب بأمير الأطباء لم يسعى يومًا إلى جمع المال أو الشهرة، فقد كان يعالج مرضاه بالمجان ويأغلب الأحيان يعطيهم الدواء الذي يعده بنفسه، لأنه اعتبر عمله رسالة إنسانيه نبيلة في تخفيف الألم عن المرضى، فتركزت جهوده في محاربة الجهل والمرض وخدمة الإنسان.

فقدم للإنسانية أعظم الخدمات باكتشافاته، فهو أول من كشف عن االكثير من الأمراض التي ما زالت منتشرة حتى الآن، وأول من كشف عن طفيل الدودة المستديرة، ووصف الالتهاب السحائي، وأول من ميز بين الشلل الذي يصيب الدماغ. وتكلم عن السكتة الدماغية الناتجة عن كثرة الدم، كما كشف عن طرق العدوى للأمراض المعدية كالجدري والحصبة، وذكر أنها تنتقل عن طريق بعض الكائنات الحية الدقيقة في الماء والجو.

ودرس الاضطرابات العصبية والنفسية والعقلية كالخوف والحزن والقلق والفرح الخ..، وأشار لتأثيرها في أعضاء الجسم ووظائفه، كما استطاع معرفة بعض الحقائق عن طريق التحليل النفسي، في أغلب الأحيان يعالج مرضاه بالأساليب النفسية.

علم الجراحة

اتبع ابن سينا طريقة جس النبض والقرع بإصبعه فوق جسم المريض، وهي الطريقة المتبعة حاليًا في تشخيص الأمراض الباطنية. وبرع يشكلٍ كبير في علم الجراحة، وكان قد كتب عن عدة طرق لإيقاف النزيف، سواء بالربط أو إدخال الفتائل أو بالكي بالنار، أو بالضغط فوق العرق.

وتحدث عن كيفيه استخراج السهام من الجروح، وحذر المعالجين من إصابة الأعصاب عند إخراج السهام من الجروح، ونبه إلى ضرورة أن يكون المعالج على معرفة جيدة بعلم التشريح. وكان قد اكتشف عضلات العين الداخلية ووصفها، وهو أول من قال بأن مركز البصر في العصب البصري.

كان ابن سينا جراحًا بارعًا، فقد قام بعمليات جراحية ودقيقة كاستئصال الأورام السرطانية وشق الحنجرة والقصبة الهوائية، واستئصال الخراج من الرئة، وعالج البواسير بالربط، ووصف بدقة حالات النواسير البولية، ووصف حصاة الكلى وشرح كيفية استخراجها، كما ذكر حالات استعمال القسطرة.

الأمراض التناسلية

وصف بعض أمراض النساء مثل: الانسداد المهبلي والإسقاط، والأورام الليفية. وتحدث عن الأمراض التي تصيب النفساء مثل: النزيف، واحتباس الدم، وما قد يسببه من أورام وحميات حادة، كما أشار إلى أن تعفن الرحم ممكن أن ينشأ من عسر الولادة أو موت الجنين، وتعرض أيضًا للذكورة والأنوثة في الجنين وقال إن الرجل هو المسؤول عن تحديد الجنس.

علم الفيزياء

كان ابن سينا من أوائل العلماء المسلمين الذين مهدوا لعلم الديناميكا الحديثة بدراستهم في الحركة، ويرجع الفضل إليه في وضع القانون الأول للحركة، والذي يقول بأن الجسم يبقى في حالة سكون أو حركة منتظمة في خط مستقيم ما لم تجبره قوى خارجية على تغيير هذه الحالة، وملاحظة حركة الأجسام، واستنبط ذلك القانون بقوله: “إنك لتعلم أن الجسم إذا خُلي وطباعه ولم يعرض له من خارج تأثير غريب لم يكن له بد من موضع معين وشكل معين، فإذن له في طباعه مبدأ استيجاب ذلك”. كما ابتكر ابن سينا آلة وهي آلة تستعمل لقياس الأطوال بدقة، ولاحظ الفرق بين سرعتي الضوء والصوت.

الموسيقى

يقال إنه كاتب قصائد قصيرة ورباعيات شعرية فارسية منها:

من وسط الأرض نهضت للسماء السابعة .. وتربعت على عرش زحل .. حللت عقدًا كثيرة في الطريق .. إلا العقدة الكبرى: قَدَر البشر.

الفلسفة

الإشارات والتنبيهات: في كتابه كتاب الإشارات الذي ذهب فيه مذهب أرسطو وقربه قليلًا إلى الأديان، فهو مؤسس الاتجاه الفلسفي الذي تحدى العقيدة وفكرة النبوة والرسالة في الإسلام، لا شك أن صحبته لفلاسفة الباطنية قد أثرت في تفكير ابن سينا، وهيأت للدور الذي لعبه في تنشيط تيار الفلسفة واتخاذها موقف التحدي للعقيدة الإسلامية، ومثال على ذلك “نظرية المعرفة” والتي ساوى فيها الفلاسفة مع الأنبياء، وقد خص الفلاسفة بميزة أخرى وهي أن الفلاسفة استمروا في رسالتهم وارتقاء معارفهم في الوقت الذي ختمت النبوة بمحمد.

كتاباته بقسم المنطق

العقل والواقع

إن السيرة الذاتية لابن سينا ​​توازي أعماله، يوضح كيف يمكن للأفراد وحدهم أن يصلوا إلى الحقيقة المطلقة عن الواقع والوجود.

نظرية المعرفة

في نظريته عن المعرفة، يحدد ابن سينا ​​المزايا العقلية للروح من حيث وظيفتها المعرفية، والتي تبدأ بالتجريد، الإدراك الحسي، كونه بالفعل ذهنيًا، هو شكل الكائن المدرك الإدراك الحسي يستجيب مع شكل معين والحوادث المادية كحدث عقلي، كونه إدراك كائن بدلاً من الكائن نفسه، يحدث الإدراك في الحالة الخاصة وذلك لتحليل هذه الاستجابة، وتصنيف سماتها الرسمية في التجريد من الحوادث المادية، يجب علينا الإبقاء على الصور التي قدمها الإحساس والتلاعب بها أيضًا عن طريق فصل الأجزاء ومواءمتها وفقًا لخصائصها الرسمية وغيرها.

أهمية الروح من وجهة نظر ابن سينا

كل خبرات العقل والمنطق موجهة إلى فهم البنية الأساسية للواقع، ولفهم البنية النهائية للواقع، فإن العلم هو مصدر كل الأشياء الموجودة في العالم، ويتم ترتيبه وفقًا لضرورة أن ندركها باستخدام الفكر المفاهيمي العقلاني.

وجود الله

لإثبات وجود الله. يقترح العلماء الحجج الأكثر تفصيلًا وشمولًا، ويتحدث ابن سينا عن وجود الله في قسم “الميتافيزيقيا“. فيمكننا القول إنه يفترض وجودًا ضروريًا.

الروح

في كل هذه الصفقات مع النبوة والمعرفة والميتافيزيقا، يأخذ ابن سينا ​​أن الكيان المعني في الشفاء هو النفس البشرية، ويقترح أن الروح يجب أن تكون مادة غير أساسية لأن الأفكار الفكرية نفسها غير قابلة للتجزئة.

المكافأة والعقاب

عند فهم الروح، تطرح أسئلة حول طبيعة الروح، وبما أن ابن سينا ​​يؤكد أن النفوس تحتفظ بهويتها في الخلود، يمكننا أيضًا أن نسأل عن مصيرها وكيف يتم تحديد ذلك. أخيرًا ، بما أن ابن سينا ​​يريد أيضًا أن ينسب العقاب والمكافأة إلى مثل هذه الأرواح، نحتاج أن نشرح كيف قد يكون هناك مصير وعقاب. تعتمد الحاجة إلى العقاب على إمكانية الشر، ويؤكد فحص ابن سينا ​​أن الشرور الأخلاقية وغيرها تصيب الأفراد وليس الأنواع.

اقرأ أيضًا:

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله