أين الأشجار والغابات التي كانت تملأ بلادنا وتعطي النظافة للبيئة والمتنفس لكثير من الناس الذين يرغبون في التمتع بجمالها؟ لذا كان لا بد من حلٍّ لهذه المشكلة حيث وجدت في إنشاء المتنزهات والحدائق العامة بديلًا عما كان في السابق.
وهنا لا بد من تسليط الضوء حول هذه المرافق الهامة التي تقيمها الدول في سبيل خلق بيئة نظيفة ومتنفس للكثيرين، وفي مقالنا سنقوم بهذه المهمة ونقدم لكم أهم النصائح من أجل المحافظة على الحدائق والمتنزهات.
التعريف بالحدائق والمتنزهات العامة
إن الإنسان ومنذ القدم اهتم بالطبيعة والتمتع بجمالها، وكان يهرع إليها كلما شعر بنفسه تواقة لاستنشاق الهواء العليل والتمتع بجمال ما خلقه الله، وليسهل على نفسه تعب الذهاب إليها نقلها إلى حيث يسكن ويعيش حتى يتمكن من الاستمتاع بالطبيعة الخلابة، فأدخلت البيوت من خلال زراعة الأشجار والزهور والكثير من النباتات الجميلة.
ولم يستطع الجميع ومع التطور العمراني الحصول على هذا الشيء فكان لا بد للدول من تخطيط المدن الحديثة لتعوض الجميع ولينعموا بأماكن جمالية فكان بناء الحدائق والمتنزهات مطلبًا أساسيًا كمرفق عام للمدن وحتى القرى للتنزه وقضاء أوقات الإجازة براحة وطمأنينة.
لماذا تختلف المرافق العامة عن الخاصة؟
الحدائق والمتنزهات تعتبر من أنواع المرافق العامة التي تنشؤها الدولة للمصلحة العامة، وهي تختلف عن المرافق الخاصة لأنها حق لينتفع بها جميع المواطنين على حد سواء دون تمييز بين حالاتهم الاجتماعية أو مستواهم المادي أو الفكري.
والحدائق العامة والمتنزهات هي عبارة عن أماكن خصصتها الدولة للجميع دون استثناء في أماكن متعددة من البلاد للنزهة والترفيه، حيث تشمل أماكن للجلوس والاستراحة وأماكن للعب الصغار أو ممارسة التمارين الرياضية كالركض والمشي وغيرها من الرياضات التي تمارس في الهواء الطلق.
ويعتبر وجود هذه الخدمات أمر لا بد منه لتقديم الخدمات للمواطنين إضافة إلى الغاية الرئيسية التي أنشأت من أجلها وهي الترفيه عن الناس.
أنظمة تصاميم الحدائق والمتنزهات
تختلف تصاميم الحدائق والمتنزهات باختلاف العصور والبلاد والتنوع المناخي للبلاد وقد اعتنى المسؤولين بإنشائها وتنسيقها بأشكال متنوعة ومساحات مختلفة.
فالتاريخ أطلعنا على حدائق بابل المعلقة وشهرتها الكبيرة كما أن الإغريق لهم حكاياتهم في تنظيم الحدائق وتزيينها بالنباتات والتماثيل الصغيرة والكبيرة التي كانت منتشرة في زمانهم.
بكل الأحوال فقد بنى الإنسان الحدائق في منزله ثم انتقل ببنائها في حيه فمدينته، فكانت الحدائق الصغيرة أو الكبيرة أو التي فيها مجرى للماء.
الهدف من إنشاء الحدائق والمتنزهات العامة
يقال دائمًا أن الحدائق والمتنزهات هي رئة المدينة التي تتنفس من خلالها، لذلك لا بد من معرفة الهدف من انشائها حيث تتجلى من خلال الأمور التالية:
- التمتع بالهواء النقي واستنشاق الأوكسجين اللازم للتنفس، فوجود النباتات يضفي على المكان نقاءً من خلال عملية التركيب الضوئي للنبات حيث يمتص ثاني أكسيد الكربون ويطرح الأوكسجين النقي، فهي بذلك تذهب الهموم وتشرح الصدور وتستبدل الغم بالسرور حين تشاهد النباتات الخضراء وتستنشق رحيق الأزهار وعبيرها المنعش.
- يستمتع الجميع من زوار الحدائق العامة بالجلوس على المقاعد للراحة وقراءة الكتب والمجلات.
- كما يستمتع الأطفال باللعب بين النباتات والأشجار وفي الأماكن المخصصة للعب أو التسلية بمشاهدة أنواع البط أو الإوز الموجود في البركات المخصصة لذلك، وسماع أصوات الطيور التي تطير هنا وهناك لتجعل المكان جنة لا يرغب الإنسان من مغادرتها.
- الحدائق تستهوي كبار السن أيضًا لروعتها وجمالها وهدوءها، فهي بذلك توفر لهم جوًا من الراحة والاسترخاء.
- الحدائق مكان مناسب للمحبين لما فيها من أجواء رومانسية، فترى أكثر الأحباب يهرعون للقاء بعضهم البعض في أجواء الحدائق.
- عندما نجلس في حديقة عامة في منطقة سكننا أو في منطقة أخرى، وحين نشاهد الخضرة والجمال حولنا، فإننا نشعر بالسعادة والهناء وننعم بجو هادئ وجميل وخاصة إذا كان في هذه الحديقة مياه تتدفق وتنساب على شكل شلالات أو بركة صغيرة تتجمع فيها أنواع من البط والإوز، فهذا يحرك مشاعرنا ويجعلنا أكثر هدوءً وارتياحًا.
الشروط الواجب توافرها في الحدائق والمتنزهات العامة
- أن يكون تصميمها محاكي للطبيعة أو شبيهًا لها تقريبًا.
- لا بد من وجود مساحات خضراء كبيرة ومكشوفة.
- يفضل أن تصنع المقاعد والأماكن التي تخصص لجلوس الناس من مواد طبيعية كالخشب أو من الحجارة لتعطي للحديقة جمالًا طبيعيًا.
- أن تترك النباتات المزروعة على طبيعتها في النمو دون أن يتخذ لها أشكالًا منتظمة أو هندسية.
- أن تتم العناية بنظافة الحدائق بشكل دائم، فالنظافة ضرورية لأن الحديقة هي مكان للترويح عن النفس وقضاء وقت ممتع بعد عمل يوم طويل، فعلى المسؤولين عن الحديقة تنظيفها من أوراق الشجر وما قد يخلفه بعض الزوار من بقايا الأطعمة والعصائر.
- كما أنه لا بد أن تكون الحديقة محمية بأسوار وأسلاك لحمايتها ورعايتها والمحافظة عليها، فالحديقة تفتح بمواعيد مخصصة وتغلق بمواعيد مخصصة، لذا يجب ألا تترك بشكل عشوائي ويكون لها أشخاص مخصصون لمراقبة الناس من أن يعبثوا بما فيها من محتويات كالمقاعد والألعاب والحمامات وكذلك حماية الأشجار والزهور من قيام الناس بقطعها أو حرقها.
- أيضًا حمايتها من الحيوانات الضالة كالقطط والكلاب التي من الممكن دخولها إلى الحدائق العامة أن تخرب المحتويات وترمي مخلفاتها هنا وهناك.
الأسباب التي تؤدي إلى تدمير وإلحاق الضرر بالحدائق والمتنزهات العامة
- عدم وجود أسوار وأسلاك لحمايتها فتصبح الحديقة مرتعًا للحيوانات الضالة لتعبث وتخرب وتوسخ هذه الحدائق.
- رمي مخلفات الأطعمة والشراب من قبل الزوار وتوسيخ المياه في البرك الموجودة في الحديقة برمي الأوساخ والأوراق فيها.
- عدم العناية بنظافة الحديقة من قبل العمال المسؤولون عنها ولاسيما تنظيفها من أوراق الأشجار والنباتات المتساقطة ومخلفات الزوار غير الملتزمين بالتعليمات والقوانين.
- قيام بعض أصحاب النفوس السيئة بالعبث بممتلكات الحديقة كتكسير المقاعد وأماكن الجلوس واللعب، وإتلاف صنابير المياه وتكسير مصابيح الإضاءة.
- قلة الوعي لدى بعض الناس وعدم حفاظهم على الحديقة والشتلات والأشجار المزروعة فيها، وعدم حفاظهم على ألعاب الأطفال داخل الحديقة.
وبهذه الأعمال تتحول الحدائق والمنتزهات من أماكن للتمتع بجمال الطبيعة والراحة والتسلية للصغار والكبار الى أماكن كريهة لا تشجع أحد على ارتيادها.
أهم الحلول للحفاظ على الحدائق والمتنزهات من التدمير والخراب
- تنفق الدولة أموالًا كثيرة على المرافق العامة وبخاصة الحدائق والمتنزهات لتشييدها ولتكون ملجًأ لكافة أفرادها من هموم العمل ومشاكل الحياة، ولكن كيف نعمل على الحفاظ على هذا المرفق العام والهام؟
- تربية أطفالنا وتعليمهم بأهميّة المُحافظة على جميع المرافق العامّة بشكل عام منذ صغرهم وخاصة في المدارس من خلال التوعية في المناهج الدراسية.
- استخدام الناس للحدائق بشكل صحيح وعدم تخريبها حتى يكونوا مثالًا يحتذى به من قبل أولادهم وليتمكن من يأتي بعدهم من التمتع بها واستخدامها.
- زرع القيم الدينيّة من قبل الأهالي لأولادهم بضرورة الحفاظ وحماية الحدائق العامة كممتلكات عامة. بدليل قوله تعالي في قرآنه الكريم: ” وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ”.
- وضع القوانين التي تحد من كل من تسوّل له نفسه العبث بالأملاك العامة من تخريب أو إساءة وتطبيق العقوبات على الجميع بلا استثناء حتى يحترم الفرد الممتلكات العامة.
- تعليق اللافتات واللوحات الإعلانية في الحدائق العامة لنشر التوعية بين المواطنين بعدم تخريب الممتلكات العامة.
- ترك الحدائق نظيفة عند ارتيادها وبعد الخروج منها وعدم رمي المخلفات والنفايات على الأرض بل وضعها في الأماكن المخصصة لها.
- على الجهات المختصة العمل على الصيانة الدورية للحدائق وتفقد المسؤولين على المرافق الخاصة بالحدائق لإصلاحها أو ترميمها.
- الانتباه إلى ضرورة مراقبة عدم إشعال النار في الحدائق العامة فقد تؤدي إلى حرائق كبيرة بين الأشجار والحشائش داخل الحدائق.
- العمل على إنارة الحدائق العامة بشكل كبير وخصوصًا في الليل ليتمكن الجميع من الاستمتاع بها وبجمالها سواء كانوا بداخلها أو خارجها.
في النهاية
إن الاهتمام بالحدائق العامة ليس مقتصرًا على حارس أو عامل الحديقة أو على الأشخاص المسؤولين عنها، بل هو واجب وطني وأخلاقي وديني يتحتم علينا أن نتكاتف لتكون مسؤولية الجميع من أفراد ودولة، وأن نعطي الحدائق أهمية، ونولي الأشجار والنباتات وما فيها من ممتلكات العناية القصوى، فالحدائق العامة كمرفق عام هي أمانة في أعناقنا، ومن واجبنا الوطني أن نعتني بها ونحافظ عليها ونعمّق هذا الشعور في نفوس أبناءنا لتصبح مسؤولية الجميع، ونتمتع بجمالها خضراء زاهية تظللنا أشجارها وتمتّع أعيننا بجمالها ويلهو صغارنا بفنائها.
وليظل وطننا أخضرًا مزهوّا بجماله أدعو الجميع للاستمتاع بمرافقه العامة من غير أذى ولا عبث بالممتلكات العامة.
اقرأ أيضًا: ظاهرة الفساد في المجتمع أشكالها ومظاهرها وطرق علاجها.