عند انتهاء الشخص من تناول وجبته الدسمة وغالبًا ما تكون قبل الخلود إلى النوم مباشرةً، وما إن يبدأ بالاستلقاء أو بالغفوة قليلًا حتى يبدأ الألم في صدره وكأنما اشـتعل به نارًا؛ بسبب حرقان المعدة وغالبًا ما تُعتبر من الظواهر العارضة والتي لا تستمر طويلًا.
وحرقان المعدة أو ما يُسمى بالحموضة هو مرض يُصيب الغالبية من الناس الذين يتبّعون عادات غذائية غير صحية، أو مَن يُعانون من عسر هضم مُزمن ناتج عن بعض الأمراض. والاسم العلميّ لهذه الظاهرة هو “ريفلوكس” ويُطلق عليها أيضًا “الارتداد المِعَديِ المريئيّ”.
ما هي الأسباب وأهم الوسائل لتخفيف الحرقان، والعوامل التي تحُد من تفاقم هذه المـشكلة، هذا ما سوف نتعرف عليه في هذا المقال.
أسباب حرقان المعدة (Heartburn)
عند بلع الإنسان للطعام يُفـتح الصمام الحلقي والذي يوجد أسفل المريء، وهو عبارة عن حلقة عـضلية تُحيط بالجزء السفليّ من المريء والمسؤول عن إفساح الطريق للشراب والغذاء للمرور خلاله إلى داخل المعدة ثم يُغلق مرة أخرى وهذا ما يجب حدوثه طبيعيًا حتى لا يحدث ارتداد للطعام والشراب إلى المريء مرة أخرى فيؤدي إلى الشعور بحرقة المعدة.
ولـكن إذا ما فُـتح هذا الصمام من تلقاء نفسه، أو كان به ترهل أو ضعف في العضلة؛ فيتم استرجاع المادة الحمضـية التي يتم فرزها بواسطة المعدة أثناء عملية الهضم (العصارة الحمضية التي تفرزها المعدة) إلى الخلف (إلى الأعلى) بداخل المريء؛ لأن الصمام السفلي للمريء يجب أن يُـغلق تمامًا بعد أن ينتقل الطعام من المريء إلى المعدة وأي خلل به أو ضعف في العضلة؛ يؤدي إلى حرقان المعدة.
ويزداد تسرب تلك الأحماض إلى الأعلى عندما يستلقي الشخص أو ينحني إلى الأمـام أو يخلُد إلى النوم بعد تناول الطعام مباشرةً.
الأسباب التي تؤدي إلى ترهل “الصمام الحلقي للمريء” أو الضعف في العضلة
السبب الرئيسي في خلل نظام عمل الصمام الحلقي للمريء هو الضـغط البـاطني؛ لأنه يتسبب في فتق في فُم المعدة؛ مما يؤدي إلى أن جزء من المعـدة يدخل إلى المريء فلا يعود الصمام للعمل كما يـجب؛ فيحدث ارتجاع للمـريء مما يؤدي إلى حرقان المعدة.
أسباب أخرى تزيد من حرقان المعدة
- الأطعمة التي تحتوي على نسبة كبيرة من الدهون.
- تناول الطعام المحتوي على توابل حارة.
- صلصـة الطماطم (الطعام المسبك).
- تناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين بالإضافة إلى التدخين.
- تناول الشوكولاتة بكثرة.
- المـشروبات الكحولية.
- الأكل قبل النوم مباشـرةً.
- تناول بعض الأدوية مثل مضادات الاكتئاب، المهدئات، أدوية علاج ضـغط الدم المرتفع والأسبرين.
- تناول أطعمة أكثر من استيعاب المعدة؛ فيؤدي إلى عسر الهضم.
- الأحماض الزائدة التي تُفرزها المـعدة نتيجة لبعض الأمراض.
- بلع الطعام دون مضغ أو تفويت الوجبات.
- القلق والتوتر العـصبي.
بعض الحالات المرضية التي تؤدي إلى اضطرابات في الهضم وتزيد من الإصـابة بحرقان المعدة
السمنة المُفرطة
يتسبب زيادة الوزن في توليد الضغط الإضافي الزائد على المعدة والحجاب الحاجز؛ فيؤدي إلى فتح الصمام الحلقي الموجود أسفل المـريء فيفتح المجال لأحماض المعـدة إلى الارتجاع داخل المريء.
الفـتق الحجابي
إن لوج جزء مـن المعدة لمنطقة الصدر بدرجة كبيرة يؤدي إلى إضعاف عضلة الصمام أسفل المريء مما يؤدي إلى حرقان المعدة.
الحمل
يؤدي الحمل إلى الضغط الإضافي على المعدة وزيادة إنتاج هرمون البروجسترون الذي يتسبب في إرخاء أغلب عضلات الجسم بما في ذلك عـضلة الصمّام السُّفلي للمريء؛ فيتسبب في إرجاع الأحماض إلى المريء ومنه يؤدي إلى حرقان المعدة.
الربو
لا توجد علاقة مباشرة بين الربو وحرقان المعدة ولكن وجود السعال أثناء الربو بالإضافة إلى الصعوبة في التنفس وإخلال التوازن في الضغط داخل البطن والصـدر؛ يؤدي إلى ارتجاع الأحماض المِـعَديَّة إلى المريء وكما أن تناول بعض الأدوية لعلاج الربو يؤدي إلى ارتخاء الصمام فيتسبب في حرقة المعدة.
مرض السكري
يؤدي مرض السكري إلى أحد المـضاعفات مثل “الخزل المَعِديّ” وهـو خلل في المعدة يتمثل في حاجة المـعدة لوقتٍ أطول لتتم التفريغ، وبسبب وجود محتويات المعدة لوقتٍ طويل يبدأ هذا المحتوى بالصعود إلى المريء مما يتسبب في حرقان المعدة.
حاصر في مخرج المعدة
الحاصر في مخرج المعدة أي انـسداد جزئيّ ناتج عن ندبة أو قرحة هـضمية أو أورام سرطانية فـي منطقة الصمام الذي يُفصل بين المعدة والإثنى عـشر ويتحكم في انتقال الغذاء من المعدة إلى الأمعاء الدقيقة. وانسداده قد يؤدي إلى قلة أداء الصمام بشكل طبيعي، ويمنع وصول الغذاء بالشكل المطلوب؛ فتتراكم الأحماض داخل المعدة وتتدفق إلى الأعلى في اتجاه المريء؛ فتؤدي إلى حرقان المعدة.
ولا تتوقف مضاعفات تلك المشكلة على التسبب في حرقان المعدة فقط بل تؤدي أيضًا إلى الآلام الشديدة في البطن، والصعوبة في تناول الأكل، وفقدان الوزن بشكل يريع، والشعور بالغثيان والقيء وعدم الراحة مما يتطلب استشارة الطبيب فورًا.
التأخير في عملية إفراغ المـعدة
قد يتسبب ترهل العضلات أو الخلل العـصبي في إعاقة تفريغ المعدة؛ مما يؤدي إلى إرجاع أحماض المعدة إلى المريء فيؤدي إلى حرقة المعدة.
الخلل في الأنسجة الضّامة
الخلل أو التصلب في الأنـسجة يؤدي إلى الانتفاخ والتكثف في الأنسجـة العـضلية؛ مما يتسبب في الانقباض في عضلات الجهاز الهضمي فلا تتمدد كما ينبـغي فيؤدي إلى عودة أحماض المعدة إلى المريء؛ فيتسبب في حرقان المعدة.
متلازمة زولينجر إيليسون: (Zollinger-Ellison syndrome)
هذه المتلازمة من المضاعفات النادرة حدوثها ومتمثلة في إنتاج الأحماض في المعدة بكثرة؛ فتزيد من خطورة إرجاع تلك الأحماض نحو المريء مما يتسبب في حرقان المعدة الشديد.
ما هي أعراض حرقان المعدة؟
- انتفاخ في البطن.
- الشعور بالحرقة الشديدة في الصدر وكأنها نار منبعثة من المعدة.
- فقدان الشهية.
- الفقدان السريع في الوزن الناتج عن فقدان الشهية.
- الشعور بالقيء والغـثيان.
- كثرة التجشؤ.
- الصعوبة في البلع وتراكم سوائل البطن.
- وجود دم مع التبرز.
- شعور الشخص بعدم الراحـة.
- سعال مع التهاب في الحنجرة.
- عسر الهـضم مع شعـور بالامتلاء دائمًا.
ما هي المضاعفات الناتجة عن حرقان المعدة؟
- آلام شديدة في منطقة الصدر شبيهة بآلام القلب.
- حرقان المعدة المزمن يؤدي إلى الإصابة بمرض “الجزر المِعَديّ المرئي” وهذا المرض بدوره يؤدي إلى المضاعفات الخطيرة منها التهاب المريء وتضييقه وخطر الإصابة بسـرطان المريء.
- النزيف في جدار المريء.
- التغيرات في بطانة المريء.
- حدوث تضييق للمريء.
- حدوث الالتهابات المزمنة والتقرحات في جدار المريء.
- تكرار الشرقة وتغير الصـوت؛ نتيجة اندفاع الحموضة المعدية ومحتوى المريء من فـضلات الأكل إلى القصبة الهـوائية.
أهم الوسائل السريعة لتخفيف حرقان المعدة
هُناك العديد من الوسائل التي يجب اتباعها لتخفيف حرقان المعدة منها الدوائي ومنها الطبيعي أو المنزليّ:
علاج حرقان المعدة الدوائي:
عندما تكون حرقة المعدة غير مزمنة أو تأتي على فترات متـباعدة فيمكن تخفيفها عن طريق تناول دواء غير مُلزم بوصفة طبية ومن هذه الأدويـة:
- مضـادات الحموضـة وهي متنوعة منها الشراب أو الأقراص أو الفوار.
- حـاصرات مستقبلات H2.
- مـثَبِطات مضـخة البروتـونات (Proton Pump inhibitors).
أما إذا كان حرقان المعدة مزمنًا ومستمر فقد يكون مؤشرًا على الإصابة بمرض “الجزر المعدي المريئيّ” وهذا المرض يجب علاجه عن طريق دواء قد وصفه الطبيب وقد يحتاج في بعض الحالات إلى التدخل الجراحي أيضًا؛ لخطورة المضاعفات التي تنتُج عنه.
علاج حرقان المعدة المنزلي أو الطبيعي:
يمكنك التخلص من حرقان المعدة أو التخفيف منة عن طريق بعض طرق الوقاية منه ومن هذه الطرق ما يلي:
- عدم تناول الطعام قبل الخلود إلى النوم مُباشرةً.
- مضغ الأكل جيدًا قبل البلع مع مراعاة تناول وجبات مصغرة ويُمكن تقسيمها إلى 5 وجبات خلال اليوم.
- عدم شرب الماء أثناء الطعام.
- لا تتناول الطعام إلا وأنت جائع.
- عدم تناول الأطعمة الدسمة مع المحافظة على الوزن المناسب.
- عدم تناول الأطعمة الحارة أو شرب المنبهات بكثرة.
- تناول الطعام وأنت جالس ومعتدل.
- تجنب استخدام الحزام أثناء تناول الطعام وعدم ارتداء الملابس الضيقة.
- الإقلاع عن التدخين.
- شرب الماء بكثرة يوميًا بما لا يقل عن 6 أكواب يوميًا.
- المداومة على التمارين الرياضية.
وهُناك عدة وصفات منزلية تُساعد على التخفيف من حرقان المعدة
هذه الخلطات تعمل على التخفيف السريع والمؤقت لأعراض حرقان المعدة.
- شُرب خليط نصف ملعقة من بيكربونات الصوديوم مع الماء.
- شُرب خليط القليل من حمـض العنب الأحمر مع الماء.
- شُرب خليط نصف ملعقة من الصودا مع الماء.
- تناول مغلي الشمر مع الماء.
قُم بتناول وصفة واحدة منهم في اليوم وليس الكل؛ حتى لا تحدُث مضاعفات وزيادة الوضع سوءً.
ما هو دور الطعام في تخفيف حرقان المعدة
كما أن للطعام دورًا هامًا في علاج الكثير من الأمراض كذلك له دورًا هامًا في تخفيف وعلاج حرقان المعدة:
- حاول أن تتجنب تناول الأطعمة المحمرة بالزيت أو السمن؛ لأنها تستغرق وقتًا طويلًا في الهضـم وتـزيد من الضـغط على المعدة والمريء.
- الأطعمة الحارة تزيد من الشعور بحرقة المعدة وتؤثر على مستويات أحماض المعدة.
- الليمون والبرتقال وغيرهم من الحمضـيات بها نسبة كبيرة من المحتوى الحمضي الذي يتسبب في ارتجاع أحماض المعدة.
- تناول الطماطم سواءً طازجة أو معلبة أو الكاتشب يؤدي إلى ارتفاع الأحماض في المعدة.
- هُناك الكثير من الفواكه التي تخفف من حرقان المعدة مثل البطيخ والتوت والتفاح والموز والكمثرى وغيرها من الفواكه التي يجب الإكثار من تناولها.
- من المشروبات التي تعمل على تهدئة الأعصاب وعلاج فعال لعسـر الهضم هي النعناع والشاي بالنعناع والزنجبيل؛ وهي تقلل من حرقة المعدة أيضًا.
- تناول القهوة يوميًا يؤدي إلى حرقان المعدة.
- من الأطعمة الغنية بالدهون والتي تسبب حرقان المعدة الجبن ولحم البقر فيجب التقليل منها بقدر المستطاع.
- الأطعمة التي تحتوي على توابل حارة وأملاح زائدة تعمل على زيادة الحموضة في المعدة.
- عدم تناول الكحول؛ لأنها تزيد من حرقة المعدة.
- أيضًا تناول كوبًا من الحليب المنزوع الدسم قد يخفف من حرقة المعدة بشكل كبير.
- تناول بعض من اللبن الرائب يساعد على تخفيف حرقة المعدة.
كيف يتم تشخيص حرقان المعدة؟
يـعتمد تشخيص حرقان المعـدة بشكل أساسي على وصـف المريض للأعراض التي يعاني منها وصفًا دقيقًا، ويكون من خلال عمل عدة فحوصات منها التصوير الإشعاعي وعمل فحصًا للبراز. وفي حال كانت الأعراض شديدة مع عدم استجابة المريض للعلاج الطبيعي أو الدوائي، أو كان هُناك شك بإصابة المريض بمرض “الجزر المعدي المريئي” فيجب عمل الفحوصات الآتية:
- فحص مستوى حموضة المعدة.
- التنظير الداخلي من خلال الأنبوب المُضاء وتمريره عـبر الجهاز الهـضمي من خلال الفم عـبر المـريء.
- عمل أشعة سينية.
وأخيرًا فأفضل الطرق وأسرعها في التخلص من حرقان المعدة هي الطرق الطـبيعية والتي تتمثل في العلاج المنزلي سواءً كان بتناول الأعشاب المهدئة أو بتناول أنواع معينة من الأطعمة التي تساعد على تخفيف حرقة المعدة أو بالامتناع عن بعضِ منها والتي من شأنها زيادة حموضة المعدة.
فالإنسان بيده أن يضر بنفسه بإتباعه أنظمة غذائية غير صحية أو ممارسة عادات يومية سيئة تعود بالضرر عليه مثل أن يأكل ويخلُد إلى النوم مباشرةً، وأيضًا بيده أن يتبع عادات غذائية صحية حتى تعود بالراحة على وظائف المعدة ولا تتسبب في إرهاقها وحتى لا يلجأ إلى تناول أي أدوية من شأنها إحداث مضاعفات أخرى هو في غنىً عنها