20 فائدة من سورة يوسف عليه السلام

مـَن منـا لا يعرف سورة يوسف!؟ مَن منا لا يتمنى أن يُلم بكل الفوائد التي ذُكرت في هذه السورة الكريمة؟ تـلك السـورة الـتي وردَ فـيها أحـسن القـصص، فهُناك تساؤلات عديدة عن أمـور متعلقة بسورة يوسف، وعن فوائدها التي لا تُعد ولا تحصى؛ فسنتـحدث بإذن الله عن بعـض الفوائد المـأخوذة من تلك السورة، والـقـصة الـعظـيمة، فهي تحكي قـصة نبـيٍ كـريـم من أنـبياء الله، عليهـم الـصلاة والسـلام.

في هذه الـسورة العظيمة الكثير من الفوائد، والعديد من الدروس والعبر للمؤمنين والتي تفيد الإنسان في حياته اليومية، وقد اخترنا لكم 20 فائدة من سورة يوسف كي نتحدث عنها، ونُبرزها للقارئ، ولطلاب العلم، كما أن هذه السورة يوجد بها عدة أحكـام قد استـنبطها العلمـاء من هذه الـقصة، كما أنها تمتـاز بجمـال أسلوبها وروعة معانيها، فلا يوجد أروع من كلام الله -جل في علاه-.

وفي هذه الـقصة ذكر الله -سبـحانه وتـعالى-، ما حدث لنبـيه يوسف علـيه السـلام، فلنتحدث عن بعض تلك الفوائد من سورة يوسف مع توضيحاها والتمعن في معانيها، في توضيحٍ موجز، وقد انتقينا بعض الفوائد وليس الحصر؛ لكثرة تلك الفوائد في هذه السورة العظيمة، فلنبدأ من الآية (الأولى) من سورة يوسف وحتى الآية (العاشرة) منها.

20 فائدة من سورة يوسف عليه السلام

التعريف بسورة يوسف

سورة يوسف تُعتبر السورة الثـانية عشـر ترتيبًا في القرآن الكريم، وعدد آيـاتـها (مائـة وإحـدى عشـر) آيـة، وهي سورة مـكيـة وقد نزلـت قـبل الهـجرة بالمدينة المـنورة، ونزلـت على الـنبـي -صلى الله عليه وسلم-، في عـام الـحزن للتهوين علـيه –صلى الله عليه وسلم- مـا بـه من حزن.

فوائد من سورة يوسف

الفائدة الأولى:

بسم الله الرحمن الرحيم،

(الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ) [يوسف:1]

هذه الآية توضح فائدة عظيمة من سورة يوسف عليه السلام، وهي أن القـرآن واضـح وليس به أي غموض، كما أن (الْكِتَابِ) هي اسم من أسـماء القـرآن، وتدل على علـو ورفـعة قدر القـرآن، وعظيم شأنه.

الفائدة الثانية:

(إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [يوسف:2].

(إِنَّا) تدل على أنه من أسـاليب الـعرب قديمًا مخاطبه الجـمع بالواحـد، وفائدتها تُكمن في عظمـة المـخاطب، والله –عز وجل- أعـظم الـعظمـاء ولا عظيم بعده ولا قبله.

الفائدة الثالثة:

(قُرْآنًا عَرَبِيًّا) [يوسف:2].

في هذه الآية فائدة من سورة يوسف هي عظمة حـكمة الله –عز وجل- في إرسـال الـرُّسـل بلسـان قومهم؛ فقد قال الله -تعالى- في كتابة الكريم: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ) [إبراهيم:4]، وأيضًا فيها عـظيـم رحـمة الله –عز وجل- ولـطفه؛ فجعل القـرآن العظيم مـفهومًا وواضـحًا ولا يوجد فيه أي غموض.

الفائدة الرابعة:

(لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [يوسف:2].

فيها من الفوائد أن بلـوغ الحُجة ليس بمجرد سماعها، إنما يكون باستيعابها وفهمها؛ حتى تكون قد بلغت الحجة مقصِدها، وفي هذه المسألة تفصيل، أنهم من تلقوا الحجة قد تنفعهم وقد لا تنفعهم، وهناك عدة توضيحات في كثيرٍ من الآيات على سبيل المثال في قوله -تعالى-: (سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى*وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى) [الأعلى:11 :10].

بالإضافة إلى عـظيم أثر مَن فهِم وعـقل الهدف من هذه الآيات، وفهم هذه الفائدة من سورة يوسف؛ فقد قـال بـعض الـسـلف:

“كـلـما قـرأت مـثـلًا في الكتاب الكريم ولم أعـقله؛ بـكيت على نـفـسي” فقد قال الله -تعالى-: (وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ) [العنكبوت:43]، وهي أيضًا مـدح لأهل الـعلم وأهل العقل ببـصيـرة.

الفائدة الخامسة:

(نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ) [يوسف:3].

هذه فائدة عظيمة من سورة يوسف وهي تـضمـين الـعلـم في الـقصـص، كما أن الـقصـص يوجد به الـحسـن والـسيء، وأن قـصص القـرآن هو أحـسـن القـصـص، وأن كتاب الله -تعالى- المُنزل على عباده يهدي به من يشاء من عباده الغافلين عن ذكر الله –عز وجل-.

وأن يرجعوا إلى الله –تعالى- ويتمعنوا في كتابه الكريم، وهو الطريق القويم إلى الهدي، واتخاذ العبّر من قصص القرآن الكريم، والبعد عن الغفلة التي تهوي بالإنسان إلى طريق الضلال والبعد عن الله -تعالى-.

الفائدة السادسة:

(بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ) [يوسف:3].

الفائدة من سورة يوسف هنا هي أن الـقـرآن من عـند الله –عز وجل-، وقـد تحدث به حقـيقـة، وأن أخـبار الـمغيـبات تـؤخذ مـن الوحـي، والآية توضح كذِب أولـئك الذين يزعمون بأنهم يعلمـون المـغيـبات من العرافين، والسحرة، والدجالين، وقـرّاء الكف والفناجين.

الفائدة السابعة:

(إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ) [يوسف:4].

هذه الآية توضح أن من أبر النـاس بوالديـهم هم الأنبياء؛ فيظـهر هذا البر في اللـطف في النـداء، (يَا أَبَتِ) [يوسف:4]، وهي أيضًا فيها حث الأبناء على معاملة الأهل بأدب وأخلاق كريمة، كما توضح أهمـيه الرؤيـا والاهتمام بها، وتأثـيرهـا في حال الـناس، ونستفيد من هذه الآية أيضًا أنه يجب الصدق في قص الرؤيا بدون تزايـد ولا نقصان، كما فعل سيدنا يوسف -عليه السلام-، وأخذّ مشورة أهل العلم خاصة في تأويل الرؤى.

الفائدة الثامنة:

(قَالَ يَا بُنَيَّ) [يوسف: 5]

عنـايـة الأنـبـياء علـيهم الـسلام لأولادهم أعظم عناية، وتظهر في اللـطف في منـاداتهم (قَالَ يَا بُنَيَّ)؛ فقد كان يوسف عزيزًا على قلب سيدنا يعقوب عليه السلام، كما كان قريب من قلبه؛ ولذلك أشعل هذا القرب غيرة أخوة يوسف، وحقدهم عليه، حتى وصلت بهم الغيرة بأنهم فكروا في قتل أخيهم، أو التخلص منه، وقد مكر لهم الشيطان وأغواهم حتى فعلوا بيوسف ما فعلوه.

الفائدة التاسعة:

(لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ) [يوسف: 5].

من فراسـة سيدنا يعـقوب علـيه السلام في تعظيم شـأن رؤيـا سيدنا يوسف، فقد كان فطن عندما نهى يوسـف أن يقص هذه الرؤية على إخوتـه، وأن كـتم الـتحدث بالـنعمة جائز؛ وأما التـحدث بالنعم فيجب أن يكون عنـد أمْـن الـحسـد؛ فقد جاء عن الرسول –صلى الله عليه وسلم-:

((إذاَ رأى أحدكم رؤيا يحبها فإنما هي من الله، فليحمد الله عليها وليحدث بها، وإذا رأى غير مما يكره فإنما هي من الشيطان، فليستعذ من شرها ولا يذكرها لأحد فإنها لا تضره)).

الفائدة العاشرة:

(فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ*وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [يوسف: 6:5].

إدراك سيدنا يعـقوب علـيه الـسلام لـحال أبناءه، ومعرفته اليقينية بحـسدهم ليـوسف عليه السلام، وحرصه الشديد على عدم حـدوث أي شيء يكون من شأنه التأثير على لم شمل اجتماع أهـل بيـته، وأن الشـيطان قد يدخل بين الأخـوة فيـوغـر صـدور بعضـهم عـلى بعـض، فبعدما كانوا أشقاء يُصبحون أعداء.

ويجب على الأب العدل فيما بين أبناءه بقدر المستطاع، حتى لا تنشأ الغيرة، والعداوة فيما بينهم، وهذه فائدة عظيمة من سورة يوسف.

الفائدة الحادية عشر:

أنه من الممكن أن يأتي الحسد من الأقـارب مثلما يأتي من البعيد أو الغريب، كما أن عـداء الأقرباء أحيانًا يكون أشـدُّ وأنـكى من عـداء الأبـاعـد، وأيضًا فأن الحسـد قد يكون فـي الأشياء المـعنـوية مثلما هو في الأمـور الحـسـية، وأن الحاسـد يزداد كيدًا وحسدًا كلما وجد لدى المحسود نعـمة فيتمنى زوالها.

وكما قال الشاعر:

وظُلّمُ ذَوِي الّـقُربى أَشـَدُّ مَضـَاضـَة *** عَلـَى الحـُرّ مِنْ وَقـْع الحـُسـام المُهنَّدِ.

الفائدة الثانية عشر:

هناك فائدة عظيمة هنا في تلك الآية من سورة يوسف، وهي أن الأنـبيـاء عـليـهم السـلام دائمًا وأبدا أعـظم النـاس نصـحًا، وإرشادًا؛ فعندما قص يوسف رؤياه على أبـيه فتـضـمن نـصـح أبـيه له ثلاثة وجوه:

رحـمة، وبشـائر، مـحاذير:

الرحمة:

فتقرّب سيدنا يعقوب وتحببه، ورحمتـه على يوسف ظاهرة في قولـة: (يَا بُنَيَّ)، وأيضًا في النهي له عن قـصّ رؤيـاه على إخـوته.

البشـائر:

اجتباء الله -تعالى- له، وتعـليمه من تـأويل الأحـاديث، وإتـمـام نـعمـته علـيه، كما أتمها على آل يعقوب، هذه البشارة التي تضمنت نصيحة سيدنا يعقوب -عليه السلام- لأبنه يوسف -عليه السلام-

المـحاذير:

فقد حذره أباه بأن لا يقص رؤيته على إخوته؛ لأنها سوف تجلب عليه كيدًا منهم، كما ذكره بعداوة الشيطان للإنـسان، كما حذره من الكيدين الأكبر والأصغر؛ فالأكبر هو كيـد الشيطان والأصـغر هو كيـد إخـوته.

وقد كان القول بالإجماع في نصيحة سيدنا يعقوب لابنه يوسف عليه السلام: أّن النصيحة من كمالها هو ترهيـب المنصوح مما يحل عليه من النقم إذا وقع في المحذور، وترغيبه فيما يحل عليه من النعم إذا ابتعد وحاول عدم الوقوع في المحذور.

الفائدة الثالثة عشر:

(كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ) [يوسف: 6]

في هذه الآية من فوائد من سورة يوسف عظيمة، أنه إذا صلح الآباء قد يدركه صـلاح الأبـناء، وأيضًا هناك تذكـير الشـخـص بصـلاح أبنـائه، إذا كـان من بـاب ذكـر نـعمتـه عـلـيهم، والسير على دربهم، وأن يسلك سلوكهم؛ فـهذا محمـودًا؛ ولأنه من خلق الأنـبيـاء علـيهم الـسلام أيضًا.

الفائدة الرابعة عشر:

(إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [يوسف: 6]

الفائدة هنا في توضيح أن الله –عز وجل-يُمن على من يشاء من عباده من فضله، ويُحجب عمن يشاء بعدله، وما ربك بظلامٍ لأحدٍ من خلقه.

الفائدة الخامسة عشر:

(لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ) [يوسف:7].

هذه الآية فيها فائدة عظيمة من سورة يوسف، ألا وهي أن قـصص القـرآن المـراد منها العـبرة والاتعـاظ لما جاء فيها من آيات وعـبر، وليس المـراد منها التـسلـّي وضياع الأوقـات بسـماعـه؛ فقد قال الله -تعالى-:

(وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ) [هود:120].

الفائدة السادسة عشر:

(إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [يوسف:8].

هذه الآية من فوائدها توضيح بأن الأضرار من الحـسد لا تتوقف على المحسود فقط، بل يتعدى المحـسود إلى من حوله، وكما يزداد شر الحاسد وأيضًا يزداد كيده ويرجع ذلك إلى قوة الحاسد، وأن الغـيرة قد تـدفع أصـحـابها إلى القتل وليس الحسد فقط.

الفائدة السابعة عشر:

الفائدة في هذه الآية من سورة يوسف أن الإنسان يُمكنه أذية الآخرين بمجرد القول وليس بالفعل فقط، وأحيانًا يكون ضرر القول أشد ضررًا من ضرر الفعل، ونستدل على ذلك بما وقع من أذى على سيدنا يعقوب بمجرد القول، وهذا الأذى توضحه الآية الكريمة في قوله -تعالى-:

(إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [يوسف:8].

والعقوق هنا يكون بالفعل، ويكون الإيذاء متعمدًا لسيدنا يوسف عليه السلام، فهم أردوا التخلص منه، وبهذه يتضح لنا أن الضررين قد وقعا منفصلين؛ فقد وقع ضرر الفعل على سيدنا يوسف، وضرر القول على سيدنا يعقوب عليهما السلام.

الفائدة الثامنة عشر:

(اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ) [يوسف:9].

في هذه الآية فائدة من سورة يوسف أن نية التـوبة قـبل فعل الـذنب توبـه فاسـدة، كما توضح استمرار عداوة الـحاسـد حتى غياب المحسـود من أمامه، أو موته حتى لا يراه، أو أن يـمُن الله -عز وجل- علـى الـحاسد بأن يتوب ويقلع عن الحسد، ويبعد عنه الشيطان الذي يزيين له سوء عمـله ليبرر جريـمته.

الفائدة التاسعة عشر:

(يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ) [يوسف:9].

في هذه الآية فائدة من سورة يوسف هي تحـريم القدوم على المعاصي بقـصد التـوصل إلى الطاعة، كما أن هناك فائدة عظيمة المعنى وهي أن الرغبة في الحصول على النتائج الواضحة في قولة –تعالى-:

(يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ) [يوسف:9]؛ تقوي قـبـول الـمقـدمات الواضحة في قولة –تعالى-:

(اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا) [يوسف:9].

وهذا في أمـور الـشـر من أعـظـم تـلبـيس إبـلـيس، فأحيانًا يتملّك الشيطان الإنسان، ويتحكم في كل أمور حياته، وأفعاله حتى يصل إلى مرحلة أن يُطيع الشيطان في كل أفعله، وأقواله حتى يصل إلى ما يُريد.

الفائدة العشرون من سورة يوسف:

(قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنتُمْ فَاعِلِينَ) [يوسف:10].

هُنا الفائدة من سورة يوسف مضاعفة، ومركبة، فمن تزيـين الـشيطـان لـسوء الفعل أن ينتقل بأصحـابه من السوء الأكبر إلى السوء الأصغر؛ خوفًا أن يتـرك العـمل ككل، وهنا أصـل لارتـكـاب أخـف الضرريـن؛ فهنا الـضرر الأثـقل الـقتل، والـضـرر الأخـف أن يلقوه في الجـب؛ وهنا توضح الآية بشاعة القتل خاصةً بين الأخوة.

وقد جاءت كلمة (قَائِلٌ) مبهمة أو بدون تـسـمية القائل؛ لأن القول هنا أهم من القائل، فلا قائدة من معرفة أسم القائل أو البحث وراء ذلك؛ لأهمية هدف القول؛ من ذلك أمثله عديدة في القرآن الكريم في قوله -تعالى-:

(وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى) [يس:20]، (فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ) [القصص:15]، (وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ) [النمل:48]، وقد ذم بعض الفقهاء للـبـحث في هذا الشأن، ومن أدلة ذلك التشدد الذي حدث من بني إسرائيل في طلبهم أوصـاف الـبقرة، والفائدة العظيمة هنا هي أن تهتم بالقول وليس من قال.

وأخيرًا وليس آخرًا فالقرآن الكريم به فوائد عظيمة لا تحصى ولا تُعد، ومعرفتنا بها قليلة، على الرغم أن المسلم الحق هو الذي يحاول أن يُلم بقدر المستطاع بالقرآن وتفسيره، واستخراج فوائد السور ويتدبرها، إن أمكنة هذا، فقد خلقنا الله –تعالى- وأنزل علينا كتابه العزيز حتى نقرأه ونتدبر معانيه، ويكون عونًا لنا في هذه الدنيا، وأن ينفعنا به.

وأتمنى من الله -عز وجل- أن يسعني الوقت في أن أكمل فوائد هذه السورة العظيمة فيما بعد، حتى يتثنى لنا معرفة جميع فوائد سورة يوسف عليه السلام، وحتى نفيد ونستفيد ويعم العلم علينا جميعًا بإذن الله، فقد توقفنا عند الآية (العاشرة) من سورة يوسف، وسنُكمل بعض الفوائد الأخرى في مقالٍ قادم إن شاء الله.

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله