قصة الأرنب الكريم والشجرة العجيبة

هل تعرفون يا أعزائي الصغار قصة الأرنب الكريم الذي آثر أصدقاءه عن نفسه وأولاده وأنقذهم من الموت جوعًا؟ حسنًا سوف أرويها لكم بكل سرور… تعالوا معي.

قصة الأرنب الكريم والشجرة العجيبة

ذات مرة.. وفي إحدى الغابات البعيدة كان يعيش هناك أرنبٌ طيب مع عائلته في جحر صغير، وكانت هذه العائلة الصغيرة تعيش سعادة مطلقة باللهو واللعب وسط المروج والأعشاب الخضراء.

وذات يوم من أيام الشتاء القارصة اشتد البرد، وهطلت الثلوج وبدأ الصقيع يغطي أرجاء الغابة بأكملها، وأصبحت الغابة موحشة وخالية من الحيوانات والطيور، فالجميع في منازلهم مختبئين من قساوة الطقس وقوة الرياح.

وفي هذه الأثناء كان الأرنب الطيب وعائلته الصغيرة يشعرون بالجوع الشديد، وبعد عدة محاولات للأرنب في البحث عن الطعام قريبًا من جحره، لم ينجح في ذلك، فالغابة قد غلب عليها الصقيع ولم يبقى فيها شيئًا يصلح للأكل.

جلس الأرنب في بيته وهو يسمع شكوى أطفاله الجياع، فقال لزوجته: يجب أن أجد طريقة لأحضر فيها الطعام لكِ ولأطفالنا الصغار، لذا سوف أذهب في الصباح إلى الغابات المجاورة بحثًا عن شيئ يسد رمقنا ريثما تنتهي هذه العاصفة الثلجية.

فقالت له زوجته: ولكنني أخشى عليك من البرد القارس، ومن الحيوانات الضارية التي قد تفترسك بعد جوعها الطويل.

الأرنب: لا تقلقي عليَّ يا عزيزتي، سوف أنتبه إلى نفسي جيدًا وأعود إليكم ومعي الطعام الشهي بإذن الله.

وبالفعل… ما أن بزغ نور الفجر إلا وكان الأرنب الطيب قد حمل حقيبته وغادر منزله بحثًا عن الطعام لعائلته وسط الرياح والثلوج والصقيع، وأخذ يتعثر تارة ويمشي ويقفز تارة أخرى إلى أن ابتعد كثيرًا عن جحره وغابته.

وأثناء بحثه في أحد الغابات المجاورة رأى من بعيد شجرة كبيرة محملة بالتفاح الأحمر اللذيذ.

طار الأرنب فرحًا وركض مسرعًا نحو الشجرة وأخذ يقطف التفاح ويضع في حقيبته، واستمر في القطف إلى أن امتلأت حقيبته بتلك التفاحات الحمراء الشهية.

عاد الأرنب أدراجه بفرحة عارمة جعلته ينسى قساوة الطقس وقوة الرياح، وفي طريقه صادف سلحفاة عجوز تمشي بصعوبة وبطىء فوق الصقيع.

فقال لها الأرنب: مرحبًا أيتها السلحفاة… ما الذي أتى بك إلى هنا في هذا الطقس البارد؟

أجابته السلحفاة: خرجت أبحث عن شيء لآكله، فأنا مريضة وجائعة جدًا ولم أتذوق الطعام منذ يومين.

شفق الأرنب عليها، وقال لها: لا بأس عليك أيتها السلحفاة.. خذي بعضًا من هذه التفاحات اللذيذة، إنها تكفيك لبضعة أيام ريثما تنتهي هذه العاصفة.

شكرت السلحفاة العجوز ذلك الأرنب الكريم وعادت فرحة هي الأخرى لحصولها على بعضًا من الطعام كي تسد رمقها فيه.

وقبل أن يقترب الأرنب الطيب من الوصول إلى غابته صادف خروف كبير يمشي ويتعثر فوق الصقيع من ثقل وزنه وكبر حجمه.

فقال له الأرنب: لم أنت هنا يا صديقي الخروف؟ هل تبحث عن الطعام أنت أيضًا؟

أجابه الخروف بصوت حزين: أجل يا صديقي.. إن زوجتي وأطفالي جياع ولم أجد ما أطعمهم إياه منذ أن بدأت هذه العاصفة.

حزن الأرنب الطيب على صديقه الخروف، وتذكر زوجته وأطفاله وهم يتضورون جوعًا.

وقال للخروف: لا عليك يا صديقي سوف أتقاسم معك هذه التفاحات اللذيذة، خذهم واذهب إلى بيتك لتطعم أطفالك وزوجتك، وتُسعد برؤيتهم وهم يأكلون ويشبعون.

شكر الخروف الأرنب على كرمه وحسن معاملته، ومضى كلًا منهم في طريق.

وبينما كان الأرنب في طريقه إلى الجحر حصل ما لم يتوقعه على الإطلاق.

فقد كانت حقيبة الأرنب التي يحملها بالية ومهترئة، لذا تساقط ما تبقى من التفاح في الطريق واحدة تلو الأخرى دون أن يشعر الأرنب أو ينتبه لذلك.

وقبل وصول الأرنب المسكين إلى جحره لاحظ أن حقيبة التفاح بدت أخف وزنًا، ففتحها مستغربًا، وإذ بها خالية من التفاح تمامًا، ولم يتبقى بها ولا حتى تفاحة واحدة.

حزن الأرنب الطيب حزنًا شديدًا وجلس بجانب شجرة كبيرة في حالة يرثى لها وهو يتحدث مع نفسه ويقول: يا إلهي ماذا أفعل الآن؟.. لم تعد قواي تساعدني على أن أذهب مرة أخرى لأقطف المزيد من التفاح في هذا البرد القارص، ولا يمكنني أيضًا أن أذهب إلى البيت وأنا خالي اليدين وزوجتي وأطفالي ينتظرون مني أن أحضر لهم الطعام بفارغ الصبر… يا رب ساعدني.. ماذا عساي أن أفعل؟

وبينما كان الأرنب جالسًا حزينًا يضرب أخماسه بأسداسه سمع صوتًا يناديه: أنت أيها الأرنب الطيب… لا تقلق سوف أساعدك…

ارتعد الأرنب خوفًا، وأخذ يتلفت حوله ولكنه لم يرى أحدًا في المكان، وظن نفسه أنه يهذي واستمر بالجلوس قرب الشجرة الكبيرة وهو يفكر.

وبعد بضع دقائق عاد ذاك الصوت الغريب الذي ناداه قبل قليل قائلًا: أيها الأرنب الكريم أنظر إلي، أنا الشجرة التي تجلس بجانبها.

وقف الأرنب مندهشًا وقال لها: ماذا تريدين مني أيتها الشجرة.

أجابته الشجرة: لقد حدثني عنك أصدقائي الطيور، وأخبروني عن طيبتك وأخلاقك النبيلة عندما قدمت الطعام للسلحفاة والخروف، وكيف تمزقت حقيبتك وفقدت كل ما تبقى من التفاح اللذيذ.

دهش الأرنب كثيرًا وقال للشجرة: كلامك صحيح أيتها الشجرة وهذا ما حصل معي بالضبط، والآن أنا في مأزق كبير ولا أدري ماذا أفعل.

أجابته الشجرة: لا تقلق أيها الأرنب الكريم… أنا سوف أساعدك.

الأرنب: أحقًا سوف تساعدينني أيتها الشجرة الطيبة؟.. ولكن كيف لك ذلك؟

الشجرة: أنا أمتلك أغصانًا سحرية تفعل لي ما أشاء، وسآمرها الآن أن تطرح لك بعضًا من الفاكهة اللذيذة لتقطف منها ما شئت.

وما أن أنهت الشجرة كلامها إلا ورأى الأرنب أغصان الشجرة محملة بما لذ وطاب من أنواع الفاكهة المختلفة.

ذهل الأرنب لما رآه من تلك الشجرة العجيبة، وظن نفسه وكأنه يحلم.

فقالت له الشجرة: ليس لديك متسع من الوقت كي تتفاجأ وتفكر، فأغصاني الخضراء سوف تعود يابسة كما كانت بعد بضع دقائق، لذا لا تضيع الوقت بالتفكير وسارع بقطف الثمار.

خلع الأرنب وشاحه وبدأ يقطف الثمار الشهية من الشجرة ويضعها في الوشاح، وبعد ما امتلأ بالأنواع المختلفة من الثمار عاد الأغصان إلى ما كانت عليه والثلج بدأ يكسوها من جديد.

شكر الأرنب الشجرة شكرًا جزيلًا وحمل الوشاح بإحكام وانطلق مسرعًا قاصد جحره الصغير.

وصل الأرنب الكريم إلى جحره أخيرًا، فوجد زوجته وأطفاله ينتظرونه بلهفة شديدة، فقد كادوا أن يموتوا جوعًا.

أخرج الأرنب الثمار اللذيذة ووضعها أمام زوجته وأطفاله، ثم بدأوا يأكلون ويأكلون وهو ينظر إليهم والفرحة تغمر قلبه.

وبعد أن شبعوا جميعًا قص على زوجته ما حدث معه في تلك المغامرة العجيبة.

فقالت له زوجته: حمدًا لله يا زوجي العزيز، لقد كافأك الله بهذه الشجرة العجيبة لأنك كنت طيب القلب كريم النفس مع الآخرين، والخير الذي تمنيته للسلحفاة والخروف عوضك الله به أضعاف مضاعفة، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟

شكر الأرنب الكريم الله على نعمته وكرمه، وعلَّم أطفاله الصغار أن يكونوا دائمًا عونًا للمساكين والمحتاجين، وأن الله سبحانه وتعالى لا يضيع أجر المحسنين، وعلمهم أيضًا أن من يتمنى الخير لجاره يجده في داره.

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله