حوار إبراهيم عليه السلام مع قومه – الجزء الأول (التأمل)

اعتمد سيدنا إبراهيم عليه السلام عند محاورة قومه على الاستدلال العقلي في تصديق ما جاء به في الرسالة. قال تعالى “وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه” ثم قال ” نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم”

كان ينظر إبراهيم عليه السلام إلى الآفاق ويتأمل ويتفكر ليثبت اليقين في قلبه. واليقين هو ثبات الإيمان والتصديق والتوحيد. قال تعالى: “وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين”.

عرض إبراهيم عليه السلام على قومه أمثلة من معبوداتهم ليؤكد لهم بالعقل والمنطق بأن ما يعبدونه هم وآباءهم لفي ضلال مبين. وأراد أن يثبت لهم بالحجة البينة والواضحة. كيف ذلك؟ دعونا نتأمل ونتعلم من سيدنا إبراهيم عليه السلام كيف ناقش قومه وكيف بدأ معهم الحوار وكيف انتهى …  

قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه

بدأ إبراهيم عليه السلام بمحاججة قومه في النظر إلى ما كانوا يعبدون، ومنها الكواكب، حيث أتى بدليل عقلي في إبطال ما كان قومه يعبدونه من دون الله.  

يريد إبراهيم عليه السلام أن يلفت قومه إلى فساد عقيدتهم فبدأ تدريجيًا من الكوكب انتهاءًا بالشمس. قال تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام “فلما جنّ عليه الليل رأى كوكبًا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين”. الآفل وهو الناقص، والغائب. والنقص يتنزه عنه الإله. لهذا قال لا أحب الآفلين أي كيف أعبد من هو ناقص!

ثم نظر إلى ما هو أكبر منه وهو القمر، “فلما رأى القمر بازغًا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين”. هذا أيضًا لا يصلح إله لأنه تكرر نفس الشيء وهو النقص. وهي إشارة لقومه أن يلجؤوا إلى الله ليخرجوا من الظلمة التي هم عليها.

ثم رأى ما هو أكبر من القمر وهي الشمس “فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون”. ميز الشمس بأنها أكبر ورغم ذلك غابت ورحلت فهي لا تصلح أن تكون إله أيضًا رغم كبرها.

عندما قال “يا قوم إني بريء … أي تيقنت أن ما تتوجهون إليه بالعبودية غير صحيح. البراءة، أي الخلص التام والنجاة الكاملة من الشيء. ثم انتقل من الدعوة العقلية إلى الدعوة العملية . ” إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفًا وما أنا من المشركين”. هنا أشرقت أنوار التوحيد وتبددت كل ظلمات الشرك.

إذًا الله سبحانه وتعالى جل وعلا هو من يستحق العبادة. لأنه خلق كل شيء من ضمنها الكواكب والشمس والقمر … لكن استمروا رغم كل الحجج والبراهين على الشرك بالله والعياذ بالله. قال تعالى: “وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هدان ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئًا وسع ربي كل شيء علمًا أفلا تتذكرون”.

واستمر السرد القرآني في ذكر ما قاله إبراهيم عليه السلام لقومه وختمت بشهادة الله. قال تعالى: “وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم”.

هذا هو إبراهيم عليه السلام، نبي الله وخليل الرحمن وأبو الأنبياء، المتميز بالحوارات والمناظرات والحجج القوية. نتعلم منه كيفية إثبات الحجة بالعلم والمعرفة، حتى ولو لم يقتنع الطرف الآخر. المهم هو إظهار الحق وبطلان الباطل وإعلاء كلمة الله جل وعلا.

المصادر

المكتبة الوقفية – waqfeya

قصص الأنبياء – لابن كثير

أ . د خالد المصلح

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله