خسوف القمر Lunar eclipse تنين مخيف يأكل القمر اللذيذ!

إن سبق وشاهدت فيلم هرقل أو سمعت عن أسطورته، فأنت تعرف تمامًا أن اصطفاف الكواكب دائمًا يعني حدث كوني مهيب، ونحن الآن نتحدث تحديدًا عن اصطفاف الأرض والقمر والشمس على خط واحد!

في الساعات الأولى من صباح يوم 15 أبريل عام 2014، دخل القمر في ظل الأرض هذا يعني حدوث خسوف كلي، ولكن المشهد على القمر كان مختلف!

هناك على القمر… الأرض هي المسيطر وقامت بإخفاء الشمس خلفها، مع ظهور حلقة حمراء حولها، المشهد يشبه كسوف الشمس لدينا، ولكن بطريقة مميزة فالضوء على القمر أصبح أحمر برتقالي بالإضافة إلى أضواء المدن في أمريكا الشمالية والجنوبية التي كانت تتلألأ على الكرة الأرضية.

في الوقت الذي تختفي فيه الشمس هناك على القمر وتغمرك بضوء أحمر دافئ، هنا على الأرض يختفي القمر ويتلون باللون الأحمر في مشهد ساحر.

نحن نعرف خسوف القمر من هنا والمشهد من هناك مختلف تمامًا إنها ظاهرة خسوف القمر، الظاهرة الفلكية لأقرب جار لنا والتي يمكننا رؤيتها بالعين المجردة في أي مكان من هذا العالم!

خسوف القمر Lunar eclipse

القمر جرم سماوي بسطح أبيض مائل للرمادي، وهو غير مُضيء، أما ضوء القمر الذي نراه فهو انعكاس لضوء الشمس.

أما شكل القمر الذي يتغير ما بين البدر والهلال والاختفاء، فذلك لأن القمر يدور حول الأرض والأرض بدورها تدور حول الشمس كلن يتحرك على مداره وتبعًا لمكان وجوده يظهر بشكل مختلف.

يحدث الخسوف عندما يكون القمر مكتملًا، وعندما تصطف الأجرام السماوية الثلاثة (القمر والأرض والشمس) على خط واحد بدقة، فيسقط ظل الأرض على سطح القمر، وهنا إما أن يختفي القمر تمامًا ويظهر باللون أحمر باهت، أو يتناقص جزء منه ويظهر كما لو أن شيء ما أكله.

في الحقيقة لا يوجد من أكل القمر، وإنما الخسوف يحدث نتيجة لحجب أشعة الشمس عن القمر وذلك بفعل الأرض التي وقفت بينهما، فما نراه هو ظل الأرض.

على الرغم من أن القمر موجود تمامًا داخل ظل الأرض إلا أن ضوء الشمس سيصل إليه، ولكن هذه المرة سوف يصل بطريقة غير مباشرة بسبب انحراف أشعة الشمس بعد مرورها بالغلاف الجوي للأرض، ما يخلق ضوء أحمرًا أو برتقاليًا داكنًا.

أنواع خسوف القمر

أنواع خسوف القمر تعتمد بشكل أساسي على أنواع الظل الذي تلقي به الأرض، وعلى مكان وجود القمر بالنسبة لهذا الظل.

بالنسبة للظلال يمكننا أن نميز نوعين:

  • ظلال الأرض الخارجي (شبه الظل) Penumbral وهي المنطقة حيث يتم منع جزء من ضوء الشمس من الوصول إلى القمر.
  • ظل الأرض الداخلي Umbra وهو المنطقة التي يتم فيها حجب كامل أشعة الشمس المباشرة ومنعها من الوصول إلى القمر.

وبالتالي عند تواجد القمر في الظل الخارجي يكون الخسوف خافتًا أما عندما يتواجد في الظل الداخلي يكون الخسوف واضحًا أو حقيقيًا.

إذا تواجد الجزء من القمر في منطقة الظلم يكون الخسوف الجزئي أي أننا نرى جزء من القمر، والجزء الآخر في حالة الخسوف، أما عندما يتواجد القمر بالكامل ضمن منطقة الظل فهذا يعني خسوفا كليًا.

وبناء على هذه المعطيات يمكننا التمييز بين أنواع الخسوف الثلاثة التالية:

خسوف القمر الكلي Total lunar eclipse

في خسوف القمر الكلي يتواجد القمر بأكمله ضمن ظل الأرض المركزي فهذا يعني أن كامل سطح القمر سوف يكونوا غير مُضاء.

ولكن نظرًا إلى أن أشعة الشمس تنحرف بفعل الغلاف الجوي للأرض فالقمر لن يكون معتمًا تمامًا وإنما سوف يُضاء بضوءٍ خافتٍ يميلُ إلى اللون الأحمر.

خسوف القمر المركزي Central lunar eclipse

هذا النوع من الخسوف نادرًا نسبيًا فهو خسوف كلي للقمر، ولكنه يحدث بالضبط عندما يتواجد القمر بالنقطة المعاكسة تمامًا للشمس بالنسبة للأرض، أي بمعنى آخر يحدث عندما يتواجد القمر في مركز ظل الأرض.

خسوف القمر الجزئي Partial lunar eclipse

في خسوف القمر الجزئي لا يتم حجب كامل أشعة الشمس عن القمر، وهذا يحدث نتيجة أمرين:

  • القمر لا يتواجد كاملًا ضمن ظل الأرض.
  • المحاذاة بين القمر والشمس والأرض غير كاملة.

هذا يعني أن ما سوف يختفي من القمر هو فقط جزء صغير، ليبدو الظل وكأن كائن غامض أكل قضمة من سطح القمر، وأما عن حجم العضة المأخوذة من القمر فهذا الأمر يعتمد على مكان القمر ومقدار محاذاة الشمس والأرض والقمر معًا.

خسوف شبه الظل أو خسوف القمر الخفيف Penumbral lunar eclipse

قد لا تلاحظ هذا الخسوف أو قد لم تكن تعرف من قبل بأمر حدوثه، في هذا النوع يتواجد القمر ضمن ظل الأرض الخارجي (منطقة شبه الظل) وبالتالي لا يختفي تمامًا وإنما يخفت قليلًا وهذا ما يجعل من ملاحظته أمرًا صعبًا.

يمكن أن يحدث بشكل جزئي أو كلي، أي إما أن يتواجد كامل القمر ضمن الظل الخارجي للأرض (شبه الظل) أو أن يتواجد جزء منه فقط وفي هذه الحالة عادة يمكننا تمييز خسوف القمر الخفيف عندما يكون 70% من قطر القمر متواجدًا في شبه ظل الأرض، حيث يظهر جزء من القمر أخفت من الجزء الآخر.

خسوف سيلينيليون selenelion

خسوف سيلينيليون أو الخسوف الأفقي selenelion أو selenehelion، في هذا الخسوف المميز يمكننا رؤية القمر والشمس معًا في نفس الوقت، يحدث قبل غروب الشمس مباشرةً أو بعد شروق الشمس مباشرةً حيث يظهر القمر والشمس فوق خط الأفق بشكل متعاكس ويحجب ظل الأرض جزءًا من القمر.

عادةً ما يحدث خلال كل خسوف كلي للقمر، فهو ليس حدثًا كوكبيا منفصلًا وإنما تجربة مرافقة للخسوف الكلي حيث يكون المراقبون من الأرض متواجدون على التلال الجبلية العالية التي تخضع لشروق الشمس الكاذب أو الغروب الكاذب في نفس اللحظة مع الخسوف الكلي للقمر.

وعلى الرغم أن خلال خسوف سيلينيليون يكون القمر بالكامل داخل ظل الأرض إلا أننا يمكننا ملاحظة الشمس والقمر في السماء وذلك نتيجة تأثير الغلاف الجوي وظهور الأجسام أعلى من موقعها الحقيقي بالنسبة لمراقب على كوكب الأرض.

لون القمر الأحمر أثناء الخسوف

مجموعتنا الشمسية ليست مملة أبدًا، فالأجرام السماوية والكواكب ملونة حتى قمرنا العزيز، يتلون بالأحمر البرتقالي مع كل خسوف!

المريخ أيضًا له لو مائل للحمرة وذلك بسبب أكاسيد الحديد على سطحه، ولكن سبب تلون القمر بالأحمر مختلف تمامًا.

خلال الخسوف يتلون القمر بالأحمر ويطلق عليه لقب “قمر الدم” وهذا المظهر المخيف للقمر ينتج عن تفاعل ضوء الشمس مع الغلاف الجوي للكرة الأرضية، فخلال الخسوف ضوء الشمس يمر عبر غلافنا الجوي ولا يصل إلى القمر مباشرة!

عندما يصل ضوء الشمس إلى الغلاف الجوي للأرض فإنه يتشتت:

  • الأطياف ذات الأطوال الموجية القصيرة كالأزرق تنتشر مباشرةً بسهولة إلى الخارج.
  • الأطياف ذات الأطوال الموجية الأكبر كالأحمر والبرتقالي، فإنها تنكسر (تنحني) وتتجه مع ظل الأرض وتنعكس عن سطح القمر وهكذا يتلون بالأحمر.

وبحسب علماء ناسا، فإن ظهور وتلون القمر بالأصفر الذهبي، والبرتقالي، والأحمر، يعتمد على تأثير غلافنا الجوي على ضوء الشمس المار خلاله، وعلى مقدار الغبار والماء والجسيمات الدقيقة الأخرى الموجودة في الجو والتي تشتت الموجات الضوئية.

هذا الأمر يشبه تمامًا ما يحدث خلال غروب وشروق الشمس، وهذا السبب نفسه هو ما يجعل سمائنا في بداية ونهاية اليوم تتلون بالأحمر الوردي.

قمر الدم الأحمر

إذن نتيجة لتأثير الغلاف الجوي وتشتت الموجات الضوئية الأقصر وانحراف الموجات الضوئية الأطول، نرى القمر بلون أحمر برتقالي خلال الخسوف، ولهذا السبب يسمى القمر خلال الخسوف الكلي بـ قمر الدم أو القمر الأحمر.

قمر الدم العملاق

عندما يكون القمر في أقرب نقطة إلى الأرض يظهر بحجم أكبر بالنسبة لنا وبلون أكثر سطوع وإشراق، وهذا يمنحه لقب “القمر العملاق“، وبطبيعية الحال المشهد سيكون مميز جدًا عند حدوث خسوف كلي لهذا القمر الخارج وسيتلون بالأحمر وهكذا يطلق عليه لقب “قمر الدم العملاق“.

قمر ذئب الدم العملاق

في 21 يناير من عام 2019 حدث خسوف كلي للقمر حين كان بالقرب من الكرة الأرضية، ولأن القمر المكتمل يمتلك أسماء مختلفة وفي شهر يناير يسمى بـ “قمر الذئب“، فأخذ القمر عند الخسوف لقب “قمر ذئب الدم العملاق“.

لماذا تضيء وتسطع حافة القمر عند حدوث الخسوف؟

هذا الأمر نلاحظه ليس فقط خلال خسوف القمر، ولا يتعلق بالقمر فقط، وإنما يحدث على كل جرم سماوي كروي مقابل الشمس، فبشكل طبيعي أشعة الشمس تنعكس عن حوافه بنسبة أكبر من الوسط، وبالتالي ما نراه هو حواف مُضاءة أكثر من المركز.

لنفس السبب وعندما يبدأ خسوف القمر وقبل أن يدخل بالكامل إلى الظل وبعد أن يخرج جزء منه، سوف نرى الحواف تضيء جدًا، نظرًا إلى أن كمية الأشعة الضوئية تكون أكبر، وكذلك نتيجة التباين ما بين منقطة الخسوف والمنطقة المضاءة.

خسوف القمر ومدار القمر والأرض

يحدث خسوف القمر عندما يمر القمر خلال ظل الأرض، وتحديدًا عندما يكون مكتملًا، لا بد وأنك تفكر “لماذا لا يحدث خسوف القمر كل شهر على اعتبار أن القمر يكتمل شهريًا؟“.

السبب هو أن مدار القمر حول الأرض يميل عن مدار الأرض حول الشمس بزاوية وبالتالي لا يتواجد دائما ضمن ظل الأرض أي لا تصطف هذه الأجرام السماوية دائمًا على خط واحد، وإنما يحدث ذلك عدة مرات في السنة تبعًا للمواقع الهندسية للقمر والأرض والشمس.

أما لو كان مدار القمر مستوي تمامًا ومنطبق على مدار الأرض حول الشمس كنا سوف نشهد خسوفًا قمريًا كل شهر وبشكل أدق كل 29.5 يومًا.

إذا كان مدار القمر مائل لماذا يحدث الخسوف؟

لا بد وأن السؤال الذي يدور في رأسك الآن معاكس تمامًا للسؤال السابق “فإذا كان مدار القمر يميل عن مدار الأرض لماذا يحدث الخسوف أصلا؟“.

هذا يرجع إلى أن مدار القمر ثابت بالنسبة للأرض ومدار الأرض ثابت بالنسبة للشمس هذا يعني أن مدار القمر متغير بالنسبة للشمس لذا نشهد اصطفاف للأجرام السماوية الثلاثة مرتين أو ثلاث كل عام، حيث يمر القمر في المكان المناسب تمامًا عبر ظل الأرض.

مراحل خسوف القمر

يحدث الخسوف الكلي للقمر خلال فترة تتراوح ما بين بضع ثواني إلى 100 دقيقة، وقد شهد كوكب الأرض أطول فترة خسوف في القرن العشرين والتي استمرت 100 دقيقة و43 ثانية، كان ذلك في 26 يوليو 1953.

خلال هذه المدة يمر الخسوف الكلي بـ 7 مراحل، وهي:

  • بداية الخسوف حيث يبدأ القمر بالدخول ضمن منطقة ظل الأرض الخارجي (منطقة شبه الظل)، ولا يمكن تمييز هذه المرحلة بالعين المجردة بسهولة.
  • الخسوف الجزئي وفي هذه المرحلة يبدأ ظل الأرض الحقيقي في تغطية جزء من القمر ما يجعل الخسوف أكثر وضوحًا.
  • الخسوف الكلي حيث يغطى سطح القمر بالكامل في ظل الأرض ويتحول لونه إلى الأحمر أو البني أو الأصفر.
  • الخسوف الأقصى (مركز الخسوف) وهو تمامًا منتصف الخسوف الكلي.
  • نهاية الخسوف الكلي حيث يبدأ القمر بالخروج من منطقة ظل الأرض الحقيقي.
  • انتهاء الخسوف الجزئي حيث يترك القمر ظل الأرض تمامًا.
  • انتهاء الخسوف الخافت حيث يترك القمر ظل الأرض الخارجي (منطقة شبه الظل).

اتجاه القمر في السماء خلال مراحل الخسوف يعتمد على مكان الراصد، فالقمر سوف يظهر وكأنه يتحرك باتجاهات مختلفة حسب موقعك من الكرة الأرضية.

كم مدة خسوف القمر؟

على عكس كسوف الشمس الذي يستمر لبضع دقائق فقط، خسوف القمر يمكن أن يستمر لفترة أطول، وعادةً ما تتراوح المدة الإجمالية (مدة التعتيم الكلي للقمر) بين 30 دقيقة إلى أكثر من ساعة.

مدة خسوف القمر تعتمد على عاملين اثنين بشكل أساسي:

  • عمق اختراق القمر لظل الأرض.
  • بعد القمر عن الأرض.

عندما يكون القمر بالقرب من الأرض أي في نقطة الحضيض (أقرب نقطة له من كوكب الأرض)، فإنه يتحرك بسرعة أكبر بالمقارنة مع سرعة حركته عندما يكون في نقطة الأوج (أبعد نقطة له عن كوكب الأرض)، وبالتالي فمدة الخسوف تصبح أقصر عندما يكون قريب من الأرض، وتزداد مع تواجده بعيدًا.

كذلك فإن الخسوف الكلي أو الخسوف المركزي يستمر مدة أطول من الخسوف الخفيف أو الخافت.

كيف نرى خسوف القمر؟

خسوف القمر يعتبر من بين الظواهر الفلكية الأكثر سهولة للمراقبة حيث يمكن رؤيتها في أي مكان بدون الحاجة لأي معدات، لا تلسكوب ولا أي أدوات أخرى… إلا في حال حدوث خسوف القمر خلال فصل الشتاء فقد تغطيه الغيوم!

ولمشاهدة خسوف القمر ما عليك إلا الخروج والبحث في السماء والنظر إلى القمر والاستمتاع بالمشهد، فمراقبة القمر دائمًا أمر مثير للاهتمام وبشكل خاص خلال الخسوف.

هل من الآمن النظر إلى خسوف القمر؟

نعم، وهذا هو المميز بشأن خسوف القمر فعلى عكس كسوف الشمس إنه آمن ويمكنك رؤيته بالعين المجردة وذلك لأن خسوف القمر يعكس ضوء الشمس فقط، وهذا هو الحال دائمًا وخلال الخسوف يصبح القمر أقل سطوعًا في المقابل يكون سطوعه أعلى عند اكتمال القمر والذي بالطبع قد سبق وشاهدته من قبل.

كم مرة يحدث خسوف القمر في السنة؟

الأمر يعتمد على نوع الخسوف الذي نتحدث عنه، خسوف القمر الخافت أي عندما يتواجد القمر في ظل الأرض الخارجي (منطقة شبه الظل) يحدث مرتين على الأقل كل عام وفي كثير من الأحيان تكون هذه الظلال باهتة جدًا لدرجة لا يمكن تمييزها بالعين المجردة.

أما الخسوف الحقيقي أي عندما يتواجد القمر في ظل الأرض الداخلي سيحدث بوتيرة مختلفة مرتين أو ثلاث كل عام، أما الخسوف المركزي فسنشهده كل سنتين أو ثلاث.

بشكل عام ومن الناحية الفلكية فإن خسوف القمر يعتبر ظاهرة شائعة نشهدها كل عام عدة مرات ووفقًا لمتحف التاريخ الوطني ما يقارب 29% من خسوفات القمر هي خسوف قمر كلي!

يمكن رؤية خسوف القمر الكلي في كل مكان من العالم مرة واحدة على الأقل كل سنتين ونصف وذلك وفق التقديرات الوسطية. فالأرض تشهد حوالي 3 خسوفات قمر سنويًا، ولكنهها لا تحدث كلها في الموقع نفسه على الأرض.

مقياس دانجون Danjon

مقياس دانجون هو مقياس تم وضعه من قبل André Danjon لتصنيف مقدار الظلام والتعتيم لخسوف القمر، وفق القيم التالية:

  • L = 0: خسوف قمر مظلم جدًا، يكاد القمر أن يكون غير مرئي خاصة في منتصفه.
  • L = 1: خسوف قمر مظلم، ذو لون رمادي أو بني، لا يمكن تمييز التفاصيل إلا بصعوبة.
  • L = 2: خسوف قمر أحمر عميق أو خسوف قمر بلون الصدأ، يتميز بظل مركزي داكن جدًا، بينما الحافة الخارجية للقمر تكون ساطعة نسبيًا.
  • L = 3: خسوف قمر بلون الطوب الأحمر، يتميز بأن الظل المظلم عادةً ما يكون له حافة ساطعة أو صفراء.
  • L = 4: خسوف قمر أحمر نحاسي أو برتقالي لامع للغاية، الظل المظلم في هذه الحالة يكون مزرق وله حافة ساطعة.

الفرق بين خسوف القمر وكسوف الشمس

كل من الخسوف والكسوف ظواهر فلكية تحدث عندما تصطف الأجرام السماوية الثلاثة (الأرض، القمر، الشمس)، على صف واحد، ولكن في ترتيب هذه الأجرام يكمن الفرق الأساسي بين الكسوف والخسوف، وبناءً عليه تنشأ الفروقات الباقية:

  • يحدث كسوف الشمس عندما يَعبُر القمر بين الأرض والشمس، فيحجب ضوء الشمس عن الأرض، يحدث خسوف القمر عندما يَعبُر القمر في ظل الأرض (أي تكون الأرض بين القمر والشمس) فيتم حجب القمر بظل الأرض.
  • يمكن رؤية خسوف القمر بالعين المجردة، في المقابل لا يمكن رؤية كسوف الشمس بدون حماية للعين، فالنظر إلى الكسوف بدون نظارات أو وسيلة حماية يهدد بحدوث تلف خطير ودائم في العين!
  • كسوف الشمس يستمر لمدة قصيرة لا تتجاوز بضع دقائق، خسوف القمر يمكن أن يستمر لفترة أطول، وعادةً تتراوح المدة الإجمالية (مدة التعتيم الكلي للقمر) بين 30 دقيقة إلى أكثر من ساعة.

خسوف القمر في الثقافات وعبر التاريخ

خسوف القمر في الثقافات وعبر التاريخ

في السابق ألقى العالم اللوم في اختفاء القمر أو تلونه باللون الأحمر أثناء الخسوف على الشياطين المهاجمة والحيوانات المفترسة والنمور والتنانين التي تهاجم القمر وتأكله، وكان هناك العديد من التكهنات على الطريقة التي يعود بها القمر بعد أن يتم التهامه!

العديد من الثقافات والأساطير تناولت خسوف القمر، بعضها اعتبره فألا سيئا والبعض الآخر اعتبره فألا جيدًا.

حيوان يأكل القمر

بالنسبة للمصريين القدماء فإن خسوف القمر هو نتيجة لهجوم حيوان بري على القمر وابتلاعه، هذا الاعتقاد كان سائدًا في العديد من الحضارات مع اختلاف الحيوان المهاجم، فبالنسبة لحضارة المايا كان الجاكور هو من يتناول قمرنا العزيز.

أما في الصين فكان الفاعل هو الضفدع الأسطوري ثلاثي الأرجل المعروف باسم تشان تشو، في المقابل بعض الحضارات اعتبرت أن شيطانًا قام بابتلاع القمر!

لذا هذه الحضارات اعتقدت أن الصراخ وإلقاء الحجارة ورفع الرماح باتجاه القمر… هي طريقة يمكن من خلالها حمايته وإبعاد الحيوان أو الكائن المفترس عنه!

العواء على القمر

بالنسبة لحضارة الإنكا فلم تختلف كثيرًا التفسيرات، فهم أيضًا اعتقدوا أن سبب خسوف القمر هو أكل حيوان الجاكوار للقمر أو تناول جزء منه وهذا هو السبب في تحول لون القمر إلى الأحمر.

ولكن عند شعب الإنكا لا ينتهي الأمر عند هذا الحد! وإنما يعتقدون بأن النمر وبمجرد انتهاءه من أكل القمر سينزل للتهام جميع الحيوانات ومهاجمة الناس على الأرض، لذلك كانوا يتحضرون ويأخذون الرماح ويوجهونها نحو القمر مع الصراخ، بالإضافة إلى أنهم يضربون كلابهم لجعلها تعوي وتنبح تجاه القمر.

تنين يأكل القمر

في الصين وخلال عهد أسرة تشو أي ما بين العامين 256 – 1046 قبل الميلاد كان منظر القمر الأحمر المظلم ينذر بمصيبة، مجاعة أو مرض!

بالنسبة لمجموعات أخرى في الصين القديمة كان يعتبر خسوف القمر حدثًا مخيفًا، فاعتقد الناس أن تنين يأكل القمر وخلال قضمه غمره بالدم. هذا الاعتقاد استمر طويلًا، فخلال القرن التاسع عشر كانت البحرية الصينية تطلق المدفعيات كمحاولة لحماية القمر والأرض بسبب هذا المعتقد.

ملك بديل لحماية الملك

أما سكان بلاد ما بين النهرين القدماء كانوا يعتقدون أن خسوف القمر يحدث عند تعرض القمر لهجوم من قبل سبعة شياطين وبمجرد الانتهاء من مهاجمة القمر فإنهم ينزلون من السماء إلى الأرض ويقومون بمهاجمة الملك أيضًا!

سكان بلاد ما بين النهرين كانوا متقدمين في القدرة على التنبؤ بخسوف القمر، لهذا السبب ومن أجل حماية الملك كانوا يقومون باختيار شخص ليتظاهر بأنه الملك ويتعرض للهجوم نيابة عنه.

وعلى الرغم من أن الشياطين ليست هي السبب في خسوف القمر، وبالتالي لا تنزل إلى الأرض لمهاجمة الملك، إلا أن الملك البديل كان يختفي بحلول اليوم التالي، حينها تم ربط هذا الاختفاء بالشياطين وبتحقق المخاوف المزعومة، إلا أن العلماء اليوم يرجعون اختفاء الملك البديل إلى التسمم.

شفاء القمر

أسطورة خسوف القمر التي ترويها قبيلة هوبا (قبيلة أمريكية أصلية من شمال كاليفورنيا) وقبيلة لويسينو (قبيلة أمريكية أصلية من جنوب كاليفورنيا)، كانت أسطورة ذات نهاية سعيدة.

يعتقد شعبو هوبا أن القمر لديه 20 زوجة والكثير من الحيوانات من الأسود والثعابين الجبلية، والقمر كان هو المسؤول عن رعايتها وإطعامها، وعندما لم يجلب لهم القمر ما يكفي من الطعام قامت حيواناته بمهاجمته ما سبب نزيفه، استمر نزيف القمر إلى أن أتت زوجاته وقمن بحمايته والدفاع عنه ومن ثم رعايته إلى أن يعود إلى صحته.

أما بالنسبة لقبيلة لويسينو فخسوف القمر يشير إلى أن القمر كان مريضًا، لذا فإن أفراد القبيلة كانوا يقومون بترديد الهتافات والصلوات، لإعادة القمر لحالته الصحية.

قتال الشمس والقمر

تقول جاريتا هولبروك، عالمة الفلك بجامعة ويسترن كيب في بيلفيل بجنوب إفريقيا: “لا تنظر كل الحضارات إلى خسوف القمر على أنه حدث سيء”.

فبالنسبة لشعب باتاماليبا في توغو وبنين في إفريقيا، يحدث الخسوف عندما يتقاتل القمر والشمس، ويعود القمر لحالته الطبيعية عند انتهاء النزاع.

هذا المعتقد كان يدفع شعب باتاماليبا إلى التوقف عن النزاعات وحل المشاكل القديمة بين الأفراد، تشجيعًا للشمس والقمر لحل النزاع بينهما، وتقول هولبروك: “إنهم يرون ذلك وقتًا للالتقاء وحل النزاعات القديمة والغضب”.

اليونان والإغريق

الإغريق القدماء كانوا يعتقدون بشكل صحيح أن الأرض كروية، وظلها هو سبب خسوف القمر، واليونانيون كانوا معتمدين على حادثة خسوف القمر للتأكد من أن شكل الأرض الحقيقي هو كروي.

كريستوف كولومبوس

في آخر رحلة قام بها كريستوف كولومبوس إلى أمريكا عام 1503 تقطعت به السبل مع طاقمه في جزيرة جامايكا وبقي هناك لأكثر من عام.

ونتيجة لتعرض سفينته لأضرار كبيرة وانخفاض الإمدادات الغذائية، ما كان من كولومبوس إلا المتاجرة مع الأمريكيين الأصليين للحصول على الطعام، ولكن سرعان ما سائمة الأصليون من ذلك ورفضوا تزويده بأي طعام آخر.

علم كولومبوس أن خسوف للقمر سوف يحدث في وقت قريب وتحديدًا في 29 فبراير 1504م لذا أخبار السكان الأصليون أن غضب الله قد حل عليهم لأنهم رفضوا تزويد كولومبوس بالطعام، ولهذا السبب فإن الله سوف يجعل القمر يختفي.

في تلك الليلة شهد السكان بداية الخسوف، وشعروا بالخوف لذا طلبوا من كولومبوس أن يسأل الله الغفران لهم ويعيد القمر كما كان.

بعد حوالي ساعة كان الخسوف قد انتهى، فأخبر كولومبوس السكان الأصليين أن الله قد غفر لهم خطأهم والقمر عاد.

الثقافة الإسلامية

في الثقافة الإسلامية، يتم تفسير ظاهرة الخسوف والكسوف تفسير واقعي بدون أي خرافات، وكذلك فإن القمر والشمس وظواهر الخسوف والكسوف ترتبط باحترام عميق لله سبحانه وتعالى، ويتمثل ذلك بأداء صلاة الخسوف.

على الرغم من أن خسوف القمر ظاهرة فكلية نشهدها بشكل مستمر، ولكنها أبدًا لا تفقد تأثيرها وسحرها، فمشاهدة ألوان القمر وتغير أطواره وأشكاله تجربة فريدة ومهمة في الماضي عند الحضارات القديمة، وفي يومنا هذا، وحتى في المستقبل!

المصادر

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله