كل شيء عن عقدة النقص والانتصار عليها

الضيق – المقارنة – الدونية – العجز – الخجل – توبيخ النفس – لا أقدر – لا يمكنني… إنها مألوفة جدًا وهي ما يشعر به من يعاني من عقدة النقص وهي ما يحول دون التقدم وما يسبب الحزن والإحباط.

عقدة النقص هي شعور عند الشخص بالدونية أو وجود عيب أو نقص خلقي أو عضوي أو معنوي وتحول دون قدرته على النجاح أو التقدم، لكن ما الأسباب التي أوصلتها إلينا؟ وما الأعراض التي ترافقها وكيف يمكن التعرف إلى من يعاني منها؟ والأهم من كل ذلك… ما العلاج الذي يضمن التخلص منها؟

أسباب عقدة النقص أو الشعور بالنقص

مركب النقص أو عقدة النقص لا تنشأ بدون سبب بل توجد العديد من العوامل التي تؤدي إليها والتي تؤثر بشكل مباشر في سلوك الفرد، وإن لم يتمكن من التعامل مع هذه الحالة قد تستمر معه إلى الأبد، فقد يصل إلى سن الـ 80 مع عقدة نقص سببها واحدة من النقاط التالية أو أكثر.

أسباب عقدة النقص أو الشعور بالنقص

1 – أسلوب التربية التي نشأ عليها الشخص

بعض الأهل يتبعون أسلوب الشدة المبالغ فيها، أو حتى الأساتذة والمعلمين فيتعاملون بشكل سيء مع الطفل، فعلى سبيل المثال يبذل الطفل كل جهوده للحصول على إعجاب والده وللحصول على كلمة طيبة تدفعه للأمام لكن الأهل يبخلون بتقديم المعنويات أو لا يرون ما أنجزه الابن أي شيء، وهذا يكون نتيجة جهل بأساليب التربية الحديثة أو نتيجة مفهوم خاطئ عن التعامل أو عجز عن إظهار المشاعر.

2 – دلال الطفل بشكل مفرط دون وعي

في مقابل التربية السيئة يوجد الوجه المعاكس تمامًا وهو دلال الطفل بشكل مفرط فهذا يضعه في موقع لا يعود يرضيه أي شيء، ودائمًا ما ينتظر المزيد وينتظر هذه المعاملة ذاتها من الجميع وليس فقط من الأهل وهنا يتعرض للصدمة الأولى، بالإضافة إلى الدلال بحيث لا يقوم الطفل بفعل أي شيء وهذا يضعه موضع الفشل والكسل مع شخصيته النرجسية التي يصعب التعامل معها.

3 – تميز الأهل أحد الأبناء عن غيره

“لا تميز بين أبنائك وتورث الحقد بينهم” لكن الحقد ليس كل شيء بل أيضًا عقدة النقص من الأشياء التي تظهر مع التمييز بين الأبناء، فبعض الأبناء ينظرون إلى افتقاد هذا التميز بأنه نتيجة نقص ما فيهم وذلك يدفعهم للمقارنة بين أنفسهم وبين الابن المدلل، في المقابل سينتج من التعامل المميز لذلك الابن أيضًا شخصية نرجسية تعاني النقص.

4 – تعرض الشخص للمحاسبة أمام الآخرين

أن يقوم الأب بمعاقبة وتوبيخ ابنه أمام الآخرين ليس مثل أن يقوم بمعاقبته أو لومه بينه وبين ابنه، وأن يقوم المعلم أو المدير بتوبيخ الشخص أمام جميع زملائه ليس مثل الحال عندما يكون الأمر بشكل خاص، فهذا الأمر سيؤدي إلى فقدان الشخص لثقته بنفسه ولتراجع مشاعره اتجاه إنجازاته ومن المرجح أن يشعر بدونية وجوده وعدم أهميته وكلها أشياء توصل في النهاية إلى عقدة النقص.

5 – التعرض للإحباط والانتقاص من الآخرين

لا يشترط أن يكون توبيخ فقد يكون مجرد انتقاد أو انتقاص يتعرض له الشخص من الآخرين بدون أي دعم وبدون أي موضوعية، فيشعر هذا الشخص بالظلم والكره للأشخاص الذين انتقدوه وبالمقابل يشعر بالنقص في ذاته وخاصة في حال قارن نفسه مع شخص أكثر نجاحًا وإبهارًا لمن حوله، وهنا تلعب الكاريزما وفنون التواصل الاجتماعي الدور الأهم.

6 – التعرض لصدمة عنيفة أو خسارة

فقدان شخص عزيز أو التعرض لخيانة أو خسارة كبيرة أو خداع أو أن يكون الشخص ضحية لخطة تحاك ضده من أشخاص يثق بهم، هذه الصدمات تشكل نقطة تحول في شخصية المتعرض لها والتي لا يكون أذاها عبارة عن حزن أو غضب في كل الأحوال ففي أحيان كثير يلوم الشخص نفسه بعد الخروج من الصدمة ويولد لديه هذا شعور بالدونية.

7 – عدم الثقة في النفس

نتيجة التقصير أو وجود عيب خلقي أو نقص معرفي بالإضافة إلى دور الطفولة وانعدام مهارات التواصل الاجتماعي وغيرها من الأمور التي تدمر الثقة في النفس والتي تعتبر أساس التعامل السليم مع الحياة والواقع، فالشخص معدوم الثقة دائمًا ما يشعر أن جميع من حوله يراقبه وهذا يدفعه لرغبة بالحصول على إعجاب الجميع ومقارنة نفسه مع جميع من يحصلون على الإعجاب وقد لا يجد صفات مشتركة.

أعراض عقدة النقص

أعراض عقدة النقص

ينكر معظم الأشخاص الذين يعانون من عقدة النقص وجودها لديهم، وقد تجدهم من بعيد أشخاص عاديين تمامًا بتصرفاتهم وفي كل شيء تقريبًا، لكن الوضع يتغير 180 درجة عند الاقتراب منهم وتعامل معهم، والنقاط الخمسة التالية ستوضح الصفات التي يشتركون بها والتي تمكنك بسهولة من التعرف إليهم.

1 – محاولة تدمير ثقة الآخرين بأنفسهم

من يعاني من عقدة النقص يشعر بنقص الثقة في النفس أيضًا ونتيجة مقارنة نفسه مع من حوله سيصل إلى النتيجة التي مفادها أن الشخص الذي أمامه يتمتع بثقة في النفس أكبر وهذا حتى دون وعي منه، وهنا يبدأ بمحاولة الانتقاص من ثقة الآخرين بكل الوسائل من نقد جهودهم أو محاولة التقليل من إنجازاتهم وقيمتها، وتركيز الاهتمام على العيوب بغض النظر عن الميزات.

2 – إظهار ذاته ونجاحاته وإنجازاته

كمحاولة منه لتعويض النقص والحصول على كل الاهتمام والإعجاب دائمًا ما يحاول المصاب بعقدة النقص بإظهار ذاته ونجاحاته والتحدث عنها، فدائمًا ما يكرر عبارات مثل: “أنا لدي كذا وكذا أنا أملك كذا وكذا، نجحت بهذا، وعدد البيوت أو السيارات التي يمتلكها…” بالإضافة إلى تضخيمها وزيادتها، وفي بعض الأحيان لا تكون صحيحها في معظمها.

3 – إظهار التفاخر بشكل مخفي

وهنا يحاول إخفاء التفاخر لكنها يود إظهاره في الوقت ذاته، وغالبًا ما يلجأ إلى أسلوب جلب التعاطف فمثلًا يخبرك حول تعبه من اضطراره للذهاب إلى المباراة في مدرسة أبنائه ورؤيتهم وهم ينجحون ويسجلون أعداد كبيرة من الأهداف، أو حيرته في اختيار لون السيارة التي سيشتريها خلال الفترة القريبة التالية أو أن سيارته الجديدة لم تكن مطابقة للصفات التي ترضيه ويريدها.

4 – الخوف من تأثير من حوله عليه

يشعر الشخص الذي يعاني من عقدة النقص بالضعف والخوف من تأثير من حوله عليه وعلى مشاعره فتجده نتيجة ذلك قلق وحريص على عدم التعاطف أو إظهار التعاطف مع الأحاديث التي تدور أمامه وفي بعض الأحيان يحاول عدم الإصغاء إليها أو حتى إنهائها والمقاطعة والتغير مجرى الحديث حتى يعود ويصب في صالحه وإنجازاته وإظهار نفسه أي ضمن دائرة الأمان الخاصة به.

5 – الكذب فيما يخص ماضيه

لأن ماضيه وطفولته أو أي مرحلة من مراحل حياته قد تكون ذات علاقة مباشرة بما وصل إليه اليوم من الشعور بالدونية أو النقص يمكن بسبب هذا أن يحاول جاهدًا أن يخفي ماضيه والأحداث التي مر بها أو قد يكذب ويختلق القصص التي يعتقد أنها تصور الشكل الأمثل لحياته السابقة وطفولته.

علاج عقدة النقص والتغلب عليها

في الحالات المتقدمة والتي تؤدي إلى مظاهر سلوكية غير مقبولة أو عنيفة أو تؤدي إلى الأذى المادي والمعنوي يجب أن يتم العلاج بإشراف طبي وتحت رعاية أخصائي نفسي، أما في الدرجات العادية يمكن من خلال النقاط التالية التخلص من عقدة النقص والشعور بالدونية وانعدام القيمة.

1 – التفريق بين عقدة النقص ووجود بعض النقص

التفريق بين عقدة النقص ووجود بعض النقص

عقدة النقص قد تشكل عائق يمنع الشخص من التقدم أو العمل والتعامل لكن وجود بعض النقص لا يقف في وجه النجاح وفي أسوأ الأحيان يكون الحل من خلال التعامل مع النقص ومحاولة تصحيحه فمثلًا إن كان النقص هو افتقاد الرشاقة أو السمنة فيمكن من خلال اتباع نظام غذائي وريجيم معين الحصول على الرشاقة، والتخلص من عقدة النقص.

2 – تقبل ذاته واحترامها وتقديرها مهما كان

من أهم أسس بناء الثقة في النفس وتدعيمها يأتي احترام الذات وتقبل كل ما فيها من أشياء ومحاولة تصحيح العيوب، والتوقف عن المقارنة، مقارنة الصفات أو الشكل أو حتى الأهمية والإنجازات واليقين بأن لكل شخص أهميته ودوره.

3 – الامتناع عن توبخ نفسه وتعذيبها

الامتناع عن توبخ نفسه وتعذيبها

توبيخ النفس من أهم الأسباب الكامنة خلف عقدة النقص وخاصة إن كان الشخص يخبر نفسه ويصفها بصفات سيئة مثل: غبي – أحمق – غير قادر – لا يمكنك، وهنا الحل من خلال احترام الذات وتقديرها وتقبل كل شيء فيها واستبدال تلك الكلمات بأخرى جيدة مثل: تقدر – يمكنك – ناجح – ذكي وغيرها.

4 – النظر بموضوعية إلى الإنجازات

النظر بموضوعية إلى الإنجازات

الإنجازات التي قمت بتحقيقها والمسافة التي قطعتها باتجاه هدفك يمكن أن تشكل أهم الدوافع للأمام وأهم الأشياء التي تخلق شعور بالرضا عن ذاتك وتعزز احترامك لها، وفي المقابل يجب الاحتفاظ بالموضوعية فالمبالغة في إظهار الإنجازات يعتبر من أعراض النقص ومن الأشياء التي ستثبتك مكانك.

5 – الامتناع عن تصرفات النقص

لو ثبت وأنك تعاني من النقص وظهرت الأعراض عليك فحاول التوقف عن التصرف بها فالبداية ستكون مجرد تمثيل ومحاولة إخفاء، لكن سرعان ما ستكون تصرفاتك الجديدة التمثيلية حقيقة وسرعان ما ستصبح عادة تنعكس بشكل إيجابي على مشاعرك الداخلية وتكلل عقدة النقص بالاكتمال.

6 – البحث عما يرفع من الشأن أمام النفس

البحث عما يرفع من الشأن أمام النفس

ابحث عن المهارة أو الموهبة التي تتمتع بها وحاول أن تعمل على تنميتها والإبداع بها أو ابحث عما يميزك ويرفع من شأنك ويزيد من تقديرك أمام ذاتك أولًا ومن ثم أمام الآخرين، وعندما تشعر بأنك نجحت في ذلك ستكون قد نجحت في الوقت ذاته من تخطي عقدة النقص وتغلبت عليها وتركت متاعبها خلفك.

7 – محاولة إزالة سبب النقص

مهما كان السبب الذي ترك خلفه معاناتك من عقدة النقص لا بد لك من البحث عنه وإيجاده والتعامل معه وإزالته، فلو كان على سبيل المثال أسلوب الحديث والكلام يمكنك التدرب وتغيره، ولو كان الخجل والانطوائية يمكنك وبكل تأكيد التخلص منه بالتدرب على التحدث إلى الناس وتوجيه الأسئلة للغرباء على سبيل المثال اسأل شخص ما في الطريق عن الوقت حتى ولو كنت تملك ساعة.

8 – ترك الماضي ونسيانه

ترك الماضي ونسيانه

الطفولة والتربية التي تعرض لها الشخص ومتاعب الحياة إنها من الماضي وبطبيعة الحال لها التأثير القوي لكنها ذهبت ولا يمكن إرجاعها أو الرجوع إليها، لا يمكنك إلا أن تتخلى عن الماضي حتى تتمكن من أن تعيش الحاضر وتعمل لمستقبل خالي من النقص والشعور بالدونية والتوقف عن تذكر المتاعب وإلقاء اللوم عليها.

9 – الامتناع عن مقارنة النفس

تلك جميلة تملك عيون ملونة، ذلك الشخص ذكي جدًا بينما أنا لا، إنه قوي ويملك كاريزما ولديه مهارات تواصل اجتماعي رائعة ليتني أصل لمثلها… توقف فحسب فأنت أيضًا تملك ما يميزك لكن لم ولن تراه ما دمت تنظر إلى ما لدى غيرك وتقارن نقصه لديك مع وجوده عندهم.

10 – تحويل النقص لصالحك

تحويل النقص إلى صالحكتحويل النقص إلى صالحك

أنت قادر على هذا فيمكنك أن تحول كل مشكلة إلى حل لصالحك ويمكنك أن تصنع من اللا شيء شيء كبير، ومن النقص اكتمال، فقط فكر خارج الصندوق، ابحث عن الحل الذي يناسبك بدلًا من أن تصب كل تركيزك وغضبك ونقمك على المشكلة وظف هذه القدرات على التفكير لأجلك.

لا يوجد شخص كامل الجميع لديه بعض النقص وهذا ما يميزنا لكن مهما يكن لا تتخذ من النقص سبب للتأخر وللهروب وللحزن، تغلب عليه نميه حتى يصبح أهم ما تملك وأهم إنجازاتك فالكمال أو الانعدام ينبع من داخلك قبل كل شيء.

قد يهمك أيضًا:

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله