يمكن للإنسان أن يحيا عدة أسابيع من دون أن يتناول أي طعام، إلًا أنه لا يمكنه الحياة لأسبوع واحد دون أن يتناول شيئَا من الماء، فالماء هو تلك المادة الكيميائية الخالية من الطعم واللون والرائحة، سر استمرار الحياة ووجودها، يقدم لنا فوائد الماء التي يمكن اعتبارها معجزة.
والماء هو العنصر الفريد والوحيد الذي يتواجد في الطبيعة بالأشكال الثلاثة للمادة بنفس الوقت، أي بالحالة الصلبة والسائلة والغازية والأشكال الثلاثة تمتلك نفس الخواص الفيزيائية والكيميائية مما يميز الماء، فما سر ذلك.
متى وجد الماء في الطبيعة
إن الماء هو عنصر سابق في وجوده على خلق السماوات والأرض كما قال الله عز وجل في كتابه العزيز (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ليَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) [هود: 7].
الأمر الذي يجعل الماء عنصرًا متفردًا بخصائصه وفوائده التي لا يشاركه فيها أي من العناصر الأخرى الموجودة في الطبيعة.
الخواص الفريدة للماء
1 – قطبية الماء
إن للماء قطبان مما يجعله يمتلك صفات تشبه صفات المغناطيس، بحيث يتكون جزيء الماء من اتحاد ذرتين من الهيدروجين، تمثلان القطب الموجب، مع ذرة واحدة من الأكسجين والتي تمثل القطب السالب، يربط بين الهدروجين والأكسجين رابطة تشاركية وهي أقوى الروابط الكيميائية، لذا يكون من الصعوبة تحطيم هذه الرابطة واستعادة الهيدروجين والأكسجين كل على حدة من الماء.
إن نسبة مياه المحيطات والبحار تشكل 97.32% من مجموع كمية المياه الموجودة على سطح الأرض، ونسبة الجبال الثلجية 2,14% والباقي 0,6% نسبة المياه العذبة التي تقوم عليها حياة البشر، وهي على شكل مياه أنهار ومياه جوفية ومياه سطحية.
إن السبب في خواصه الفريدة يعود إلى قطبية الماء، وهو من أقوى المذيبات في الطبيعة فهو يساهم بشكل كبير في عملية الهضم وأيض المواد الغذائية في الجسم، والمساعدة في تخليص الدم من المواد السامة المنحلة فيه، وتجديد خلاياه، وأيضًا يساعد في نقل المعادن والأملاح المذابة في الأنهار من مكان إلى آخر حيث الحاجة إليها.
2 – تماسك جزيئات الماء والتوتر السطحي
الماء أكثر السوائل تماسكًا ولكن الروابط بين جزيئات الماء تتحطم عند السطح وتظهر كأن بها تقعرًا نحو الأسفل، وذلك بسبب قوة التوتر السطحي للماء، وتبدو هذه الظاهرة واضحة عندما نملأ ابريقًا بالماء، والتوتر السطحي يفسر عدم اختلاط ماء النهر العذب بماء البحر المالح وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم بوضوح في قوله تعالى (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ﴿١٩﴾ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ).
وأهم ما ينتج عن قوة التوتر السطحي للماء قدرته في تسلق الأوعية الشعرية الدقيقة إلى الأعلى الأمر الذي يفسر انتقال الأملاح المذابة من الجذور إلى أعلى الأغصان، ويفسر أيضًا سيلان الدم في الأوعية الدموية الدقيقة في الجسم.
3 – الاستقرار الحراري للماء
لو كانت درجة غليان الماء مساوية لدرجة غليان المواد الكيميائية المشابه له مثل (كبريتات الهيدروجين أو الإيتانول أو الميتانول) حيث درجة غليانها متدنية جدًا على الرغم من وزنها الجزيئي الكبير، فإذا كان الماء له نفس السلوك لكانت درجة غليانه تساوي (-70 درجة مئوية) وليس 100 درجة مئوية، أي أنه لولا شذوذ الماء عن هذا السلوك لوجدنا الماء بالحالة البخارية فقط في الدرجة العادية من الحرارة، وانعدمت الحياة على سطح الأرض، فسبحان الله على خلقه العظيم، وهذا جدول للمقارنة بين المواد من حيث الوزن الجزيئي ودرجة الغليان:
العنصر الكيميائي ورمزه | الوزن الجزيئي | درجة الغليان |
الماء H2O | 18 غرام | 100 مئوية |
كبريت الهيدروجين H2S | 34 غرام | -60 مئوية |
غاز السيلينيوم H2Se | 80 غرام | -42 مئوية |
الميتانول CH3OH | 32 غرام |
65 مئوية |
الايتانولC3H5OH | 46 غرام | 78 مئوية |
ولأن المعامل الحراري للماء مرتفع، فإن الحرارة النوعية له تساوي عشرة أضعاف الحرارة النوعية للحديد، فلو وضعنا إناءًا من الحديد على النار لوجدنا أنه يسخن بسرعة ويصل إلى حد الاحمرار، أما إذا وضعنا فيه قليلًا من الماء فإنه سيحتاج لوقت أطول حتى يسخن فقط.