قصتنا اليوم يا أصدقائي الصغار عن راعي الغنم الكذاب الذي كذب على أهل قريته في سبيل التسلية، وعندما احتاج لمساعدتهم لم يصدقوه وجرى ما جرى، ليدرك بعدها أن الكذب صفة سيئة في الإنسان ويلحق الضرر بصاحبه وبالآخرين أيضًا، عدا عن أن الشخص الكذاب يصبح مذموم ومنبوذ بين الناس.
قصة الراعي الكذاب
كان يا مكان في قديم الزمان، كان هناك شابٌ يعيش في قرية صغيرة يرعى أغنام أهلها في المروج الخضراء، وكان يقضي يومه منذ الصباح الباكر في حراسة قطيع الغنم من الذئاب، ثم يعود أدراجه إلى القرية مع حلول الظلام.
وفي يوم من الأيام بينما كانت الأغنام تأكل وتشرب من ماء الجدول العذب، وتلهو في المروج المعشبة، كان الراعي يراقب ويراقب تلك الأغنام حتى أصبح يشعر بالملل والضجر، ولم يجد ما يسليه.
فخطرت على باله فكرة أراد بها أن يرفه عن نفسه.
فصعد إلى أعلى التلة وصرخ في صوت عالٍ: “النجدة… ساعدوني يا أهل القرية أرجوكم… فقد هجم الذئب على القطيع ويكاد أن يفترسها”.
ولما سمع أهل القرية صوته هبوا لنجدته وحماية أغنامهم.
ولكن عندما وصلوا ادعى الراعي الكذاب أن الذئب هرب لما رأى أهل القرية سينقضون عليه، وفعلًا انطلت الحيرة على أهل القرية، وعندما غادروا صار يضحك ويضحك، وظن أنه بهذه الفعلة يسلي نفسه.
وفي اليوم التالي كرر الراعي فعلته، وصعد على التلة ونادى بأعلى صوته: “النجدة.. ساعدوني.. لقد عاد الذئب مرة أخرى ليفترس أغنامكم”.
فهرع إليه أهل القرية كي ينقذوا أغنامهم، ولكن الراعي الكذاب احتال على أهل القرية الطيبين مرة أخرى، وادعى كذبًا أن الذئب هرب لما رآهم قادمين نحوه.
ولكن أهل القرية ارتابوا من قوله، وشكوا في صدقه، فخشي الراعي الكذاب منهم لما رآهم غاضبين منه، وأعترف لهم بأنه كان يمزح معهم.
ازداد أهل القرية غضبًا من الراعي ووبخوه لفعلته هذه، وعادوا إلى القرية منزعجين من مزاحه الثقيل، وأصبحوا يلقبونه في القرية بالكذاب.
وذات يوم بينما كان الراعي الشاب يراقب قطيع الأغنام وهي تأكل العشب وتشرب الماء وتلهو في المرج.
سمع كلبه ينبح بصوت عاٍل، فصعد بأقصى سرعته إلى أعلى التلة، وإذا بذئب ضخم يتسلل بين الصخور ليفترس القطيع.
ففزع الراعي وبدء يصرخ: “النجدة أنقذوني… لقد أتى الذئب ليفترس أغنامكم، أرجوكم أسرعوا!”
سمع أهل القرية ندائه، لكنهم لم يستجيبوا له، فقد ظنوا أنه يكذب كما في المرات السابقة.
وصار الراعي يبكي ويصرخ ولكن لم يأبه لصراخه أحدًا، فصعد شجرةً كي ينجو بنفسه.
ولكن الذئب بدء يهجم على الأغنام، والراعي يراقب من الأعلى وهو يصيح: “يا ويلتي.. يا ويلتي.. ففزعت الأغنام وبدأت بالهروب وتشتت القطيع، وبعد أن شبع الذئب غادر المكان”.
لم يجرؤ الراعي الكذاب على النزول من فوق الشجرة خوفًا من أهل القرية، وبقي مكانه إلى غروب الشمس.
وبعد أن حل الظلام قلق أهل القرية على أغنامهم، فقد تأخر القطيع عن العودة في الوقت المعتاد، لذا جمعوا أنفسهم وسارعوا بالذهاب إلى المرج ليطمئنوا على قطيعهم.
فرأوا ما رأوه، وعلموا أن هذه المرة كان الراعي على حق، ولكن بعد فوات الأوان.
غضب أهل القرية من الراعي الكذاب وقالوا له: “أرأيت أيها الراعي الكذاب ما هي عواقب الكذب، لو لم تكذب علينا في المرات السابقة لكنا صدقناك وأنقذنا القطيع من الذئب المفترس الذي كاد أن يفترسك أنت أيضًا”.
شعر الراعي بسوء فعلته، واعترف بخطئه الذي كاد أن يودي بحياته، واعتذر من أهل قريته ووعدهم أنه لن يكذب مرة أخرى، لأنه تعلم أن خداع الناس في المزاح أو الكذب خلقٌ مذموم ونهايته وخيمة.