في الوقت الحالي، يتم تشخيص التوحد بشكل دقيق عندما يبلغ الطفل عمر 3 أو 4 سنوات، ولكن يمكن لبعض أطباء الأعصاب أن يلاحظوا العلامات الأولى لهذا المرض خلال الأشهر الخمسة عشر الأولى من حياة الطفل.
من المهم معرفة العلامات والأعراض الأولية لمرض التوحد، حيث يساعد التعرف عليها في اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحسين حياة الطفل.
مرض التوحد: نظرة عامة
التوحد هو اضطراب يؤثر على ثلاث مناطق من الدماغ وهي المنطقة التي تنظم التفاعل الاجتماعي، والمنطقة التي تتعامل مع إدارة اللغة اللفظية وغير اللفظية، والمنطقة التي تحدد الاهتمامات الشخصية. هذه المناطق الثلاث يظهر دورها بمجرد أن يكبر الطفل. فكيف لنا أن إذا كان الطفل الصغير حديث الولادة مصابًا بالتوحد أم لا؟ وفي أي عمر يصبح ذلك ممكنًا؟
كما هو الحال في معظم الحالات، يزيد التشخيص المبكر من فرصة تحسين حياة الطفل وأسرته. لذلك، يتم تركيز الكثير من الدراسات والأبحاث من أجل تحسين طرق التشخيص واكتشاف المرض خلال شهور الحياة الأولى.
في الوقت الحالي، لا يحتاج طفلك إلى تعلم التحدث لتحديد بعض المواقف التي توضح عدم قدرته على التواصل.
الأدوات المستخدمة في تشخيص التوحد
في الوقت الحالي، لإجراء تشخيص رسمي، يتم اتباع المعايير التي حددها “الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية” DSM، وهو دليل يضم جميع الاضطرابات النفسية العقلية ومظاهرها، ويتم تحديثه بشكل دوري.
الطرق التي يستخدمها الأطباء لتشخيص مرض التوحد هي:
مقابلة تشخيص التوحد، والمعروفة باسم ADI، وهي اختصار لعبارة Autism Diagnostic Interview، تم تحديد معايير هذه المقابلة في عام 1994، ويستخدمها الباحثون والأطباء منذ ذلك الوقت لأغراض تشخيص أي شخص يبلغ عمره 24 شهرًا على الأقل، وفيها يتم قياس سلوك الشخص في مجالات التفاعل الاجتماعي المتبادل والتواصل واللغة وأنماط السلوك.
جدول مراقبة تشخيص التوحد، المعروف باسم ADOS، وهي اختصار لعبارة Autism Diagnostic Observation Schedule، يتضمن هذا البروتوكول سلسلة من المهام المنظمة وشبه المنظمة التي تتضمن التفاعل الاجتماعي بين الطبيب والشخص الذي يتم تشخيص حالته. ويتم تدوين الملاحظات وإعطاء درجات تحد احتمال الإصابة باضطراب التوحد أو اضطرابات طيف التوحد. عادة ما يتم إجراء ADOS جنبًا إلى جنب مع ADIلجمع كل المعلومات الضرورية.
مقياس تقييم التوحد في مرحلة الطفولة، المعروف باسم CARS، وهي اختصار لعبارة Childhood Autism Rating Scale، يساعد هذا المقياس على تصنيف مدى الاضطراب وتمييزه عن غيره الحالات والاضطرابات.
معايير الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية
لا يوجد اختبار أو فحوصات شعاعية يمكنها الكشف عن اضطراب طيف التوحد. الوسيلة الوحيدة المتاحة هي الملاحظة. عادة ما يكون الآباء هم أول من يدرك أن شيئًا ما غير طبيعي. تكمن لكن المشكلة أن هذا الإدراك يتم في معظم الأحيان عندما يبلغ الطفل عمر عامين أو أكثر، وفي هذه المرحلة، نكون قد أضعنا عامين قبل تشخيص الحالة والتعامل معها. هذا يجعل العلاجات المتاحة أل فعالية في تحسين حياة الطفل المريض.
هذا يبرز أهمية فهم الإشارات والانتباه لها بشكلٍ أكبر كي تتمكن من التدخل في أسرع وقت ممكن. الهدف بالطبع لن يكون الشفاء والتعافي من المرض، فالعلاج غير متوفر بعد، ولكن الهدف هو تطوير كل القدرات التي يمكنها أن تساعد في تحسين نوعية حياة الشخص الذي يعاني من هذا الاضطراب ومساعدة الأشخاص الذين يعيشون معه.
المعايير التي وضعها الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية التي تجعلك قادرًا على القول بأن الطفل مصاب بالتوحد هي ثلاثة:
- ضعف التفاعل الاجتماعي.
- ضعف التواصل اللفظي وغير اللفظي.
- وأنماط سلوكية محددة.
ضعف التفاعل الاجتماعي
الطفل الذي يعاني من التوحد يظهر صعوبات تكوين علاقات مع الآخرين، لأنه في أكثر الأحيان، لا يفهم بالضبط كيف ينبغي أن تسير الأمور. ولا يستطيع فك رموز تعبيرات الوجه أو الإيماءات أو المواقف التي تحدث أمامه. إنه غير قادر على ربط الابتسامة غريزيًا بالمزاج الهادئ ولن يعرف كيف يكرر الابتسامة. أو أنه لن ينظر إليك في عينك عندما تتحدث معه، فهو لا يعرف أنه ينبغي القيام بذلك، بالإضافة إلى أنه قد يعاني من التوتر عند تلقي كل هذه المحفزات والتي لا يعرف كيفية الرد عليها أو تكرارها أو التعامل بها.
ومع ذلك، لا يحتاج الطفل إلى أن يكبر حتى يكون علاقات مع الآخرين وإظهار العلامات الأولى للمرض. فالابتسامة على سبيل المثال، هي مهارة يمتلكها الطفل في الأشهر الأولى من الحياة.
لكن هذه العلامة ليست بالضرورة دليل على الإصابة بالتوحد. فلا يطور جميع الأطفال نفس المهارات بشكل طبيعي خلال نفس الفترة الزمنية، لذا فإن نقصًا معينًا في هذه المهارات ليست بالضرورة من علامات اضطراب طيف التوحد. لكنها بالتأكيد إشارة يجب مراقبتها، وينصح في هذه الحالة باستشارة الطبيب.
ضعف التواصل اللفظي أو غير اللفظي
التوحد لا يجعل الطفل غير قادر على فهم الجمل المعقدة فقط، بل يصبح أيضًا غير قادر على فهم نبرة الصوت المصاحب لها أو الإيماءات التي تحدد كلمات معينة. لذلك، لن يتمكن من فهم المصطلحات والتعبيرات اللغوية التي ليس لها معنى حرفي أو تكون في سياق السخرية. بالطبع، في سن الثانية، لا يستطيع أي طفل فهم معظم العبارات. ومع ذلك، هناك بعض المؤشرات على أن تلك المنطقة من الدماغ لا تتطور.
عندما تحاول تعليم الطفل حديث الولادة كلمة ما، على سبيل المثال “قل ماما، ماما”. لن يحاول المصاب بالتوحد تكرار الأصوات التي يسمعها من الكبار، حتى لو كانوا والديه، لأنه لا يعرف أن هذه هي الطريقة التي يتواصل بها الآخرون مع بعضهم البعض. وبالتالي سيكون هناك تأخير شديد في تطور المهارات اللغوية، هذا قد يكون ببساطة نتيجة تأخر نموه، أي أنه يحتاج بعض الوقت حتى يتعلم، وقد يكون السبب مشكلة عصبية حقيقية مثل اضطراب التوحد. لهذا، نؤكد مرة أخرى أن الأخصائي هو من يمكنه تحديد السبب.
أنماط سلوكية محددة
ضعف الاهتمام والأنشطة المتكررة والأفعال النمطية كلها سمات نموذجية لمرض التوحد. إنها أيضًا آلية دفاعية يستخدمها الفرد لمحاولة تنظيم فوضى العالم الخارجي، والتي لا يستطيع فهمها تمامًا.
الاهتزاز بلا توقف، والتصفيق المستمر باليدين أو لف الأصابع، كلها مواقف غريبة وخارجة عن المألوف التي قد تشير إلى التوحد.
تختلف الطرق التي تحدث بها هذه السلوكيات حسب عمر الطفل ومرحلة تطوره. لكن أول الأشياء التي يمكنك ملاحظتها هي مراقبة الحركات المتكررة، مثل دوران الغسالة أو شفرات المروحة. حيث يحدق بها دون أن يثير فضوله أي أشياء أخرى في الغرفة.
العمر الذي يتم فيه تشخيص بالتوحد
في الوقت الحالي، لا يتم تشخيص التوحد بشكلٍ مؤكد حتى يبلغ الطفل عمر 3 – 4 سنوات. هذا لأنه ليس من السهل على الآباء، الذين لا يملكون الخبرة، أن يدركوا أن طفلهم لم يطور جميع المهارات التي يجب أن يمتلكها. بالإضافة إلى ذلك، لا تتطور مهارات جميع الأطفال بنفس السرعة، وقد يكون التأخر في تطوير بعض المهارات أمرًا طبيعيًا من شخصيته.
إن معرفة العلامات الأولى التي يظهر بها اضطراب طيف التوحد مفيد جدًا لتكون قادرًا على تقصير وقت التعرف على المشكلة والتدخلات التي سيتم تنفيذها. المراقبة الدقيقة تساعد في إدراك ذلك بعمر 20 شهرًا تقريبًا، حيث يمكن ملاحظة بعض المواقف الشاذة، في حين أن الأطباء ذوي الخبرة يمكنهم تشخيص المرض مبكرًا حين يكون الطفل بعمر 15 – 18 شهرًا.
إن علاج الطفل المصاب بالتوحد على الفور بالعلاجات المعرفية والسلوكية المناسبة وربما العلاجات الدوائية، يساهم في تحسين نموه ويسمح له بتحقيق جميع الأهداف التي يمكنه تحقيقها. علاوة على ذلك، يمكن للأسرة أيضًا الاستفادة من الدعم النفسي والطبي للتعامل مع الموقف بالطريقة الأنسب وبأقل ضغوط ممكنة.