تسمم الحمل (Eclampsia)، أعراضه، أسبابه وطرق علاجه الممكنة

يرتبط الحمل عادًة بمخاوف وقلق من فقدان الجنين أثناء أشهر الحمل، إلا أن هناك المزيد من المخاوف المقلقة التي يجب أن تأخدها المرأة الحامل بعين الإعتبار، والتي ترتبط بمضاعفات صحية، قد تشكل خطرًا على حياتها، ويعد تسمم الحمل أهمها وأكثرها شيوعًا، حيث أن ما يزيد عن 63 ألف سيدة حامل معرضة للوفاة بسببه بحسب منظمة الصحة العالمية.

يمكنك المساعدة في حماية نفسك من خلال التعرف على أعراض تسمم الحمل المبكرة المعروفة بمقدمات الإرتعاج، واستشارة طبيبك للحصول على رعاية منتظمة ريثما يحين موعد ولادتك، إذ أن الإلمام بمقدمات الارتعاج في وقت مبكر يقلل مخاطر حدوث مشكلات طويلة الأمد لكل من الأم والطفل.

ما هو تسمم الحمل؟

تسمم الحمل، المعروف علميًا باسم (Eclampsia)، أو ارتفاع ضغط الدم الحملي البروتيني، هو حالة تصيب النساء الحوامل، وترتبط بارتفاع ضغط الدم بشكل أساس، والبيلة البروتينية، وتورم في الساقين والذراعين.

تبدأ أعراض تسمم الحمل المبكر غالبًا بعد 20 أسبوعًا من بداية الحمل، أو في حالات قليلة بعد 48 ساعة من الولادة. ويمكن أن تستمر لمدة تصل إلى 12 أسبوعًا بعد الولادة، ولكن لا داعي للقلق إذ عادة ما تختفي هذه الحالة من تلقاء نفسها بعد ذلك.

أعراض تسمم الحمل المبكرة

يرتبط تسمم الحمل بمجموعة من الأعراض والعلامات المبكرة، التي لا تستطيع المرأة الحامل ملاحظتها، كـ ارتفاع ضغط الدم وإفراز البروتين في البول، لذا تعد الزيارات الروتينية للطبيب ضرورية جدًا. إذ من المحتمل أن يحدث تسمم الحمل بدون أعراض، كما أن بعض التورم في القدمين والكاحلين يعد أمرًا طبيعيًا أثناء الحمل. إلا أن أهم الأعراض التي يتوجب عدم إغفالها:

  • انتفاخ اليدين، أو القدمين أو الوجه وبخاصة حول العينين.
  • الزيادة المفاجئة في الوزن خلال مدة قصيرة تتراوح من يوم إلى يومين، أو الزيادة التي تعادل 900 غرام في الأسبوع.
  • ظهور نمشات على الجلد ناتجة عن نزيف موضعي، أو أي أعراض أخرى لإضطراب تخثر الدم.
  • صداع مستمر لا يزول، أو يزداد سوءًا مع الوقت.
  • الغثيان والقيء.
  • ضيق في التنفس.
  • قلة التبول.
  • ألم في الجانب الأيمن من البطن أسفل الضلوع مباشرة.
  • الشعور بالألم في الكتف الأيمن، وقد يتم الخلط بينه وبين حرقة المعدة، أو ألم المرارة، أو التهاب المعدة أو ركل الجنين.
  • اضطرابات بصرية تتضمن: العمى المؤقت، عدم وضوح الرؤية أو البقع الضوئية، والحساسية للضوء.
  • الشعور بالدوار أو الإغماء.
  • السكتة الدماغية.
  • نوبات تسمم الحمل هي فترات من اضطراب نشاط الدماغ الذي يمكن أن يؤدي إلى انخفاض اليقظة.

أعراض تسمم الحمل الشديدة نتيجة الإختبارات الطبية

قد تكون أعراض تسمم الحمل شديدة وخطيرة، حيث يمكن تحديدها من قبل الطبيب المختص بالإعتماد على استقصاءات، وتحتاج إلى اتخاذ جراءات فورية، أهمها ولادة الجنين في أسرع وقت ممكن، تشمل هذه الأعراض:

  •  ضغط الدم الانبساطي أكبر من 110 ملم زئبق في قياس واحد أو أكثر من 100 ملم زئبق على مدار 24 ساعة.
  • نتائج غير طبيعية لفحص وظائف الكبد.
  • صداع شديد.
  • وجع في البطن.
  • تراكم السوائل في رئتي الأم.
  • متلازمة هيلب HELLP (نادرة الحدوث).
  • قلة عدد الصفائح الدموية، أو النزيف.
  • انخفاض كمية البول، مع وجود كميات كبيرة من البروتين في البول.
  • بطء نمو الجنين، أو تعذر حصوله على ما يكفي من الدم والأكسجين، الذي تظهره نتائج الإختبارات والاستقصاءات التي يجريها الطبيب.

أسباب تسمم الحمل

أسباب تسمم الحمل

لا يزال السبب الدقيق لتسمم الحمل غير معروف، إذ يعتقد الخبراء أن هذا المرض ناتج عن نقص النمو السليم للمشيمة، بسبب مشاكل في الأوعية الدموية، حيث تتشكل الأوعية الدموية الجديدة وتتطور لنقل الدم إلى المشيمة، بكفاءة، في وقت مبكر من الحمل. إلا أنه عند النساء المصابات بتسمم الحمل، لا تنمو هذه الأوعية الدموية ولا تعمل بشكل صحيح، إذ تكون أضيق وتستجيب بشكل مختلف للإشارات الهرمونية. قد تكون أسباب التطور غير الطبيعي لهذه المضاعفات كما يلي:

  • ضعف تدفق الدم إلى الرحم.
  • أمراض المناعة الذاتية الناتجة عن مشاكل في جهاز المناعة.
  • اضطرابات الأوعية الدموية.
  • جينات وراثية معينة.
  • اضطرابات ضغط الدم الأخرى أثناء الحمل.
  • التغذية غير السليمة أثناء الحمل.
  • ارتفاع نسبة الدهون في الجسم.

يحدث تسمم الحمل أثناء الحمل في الفترة التي تسبق الولادة، وأحيانًا يرافق الأم إلى ما بعد الولادة. يمكن أن تؤدي تسمم الحمل الذي يلي الوضع إلى وفاة الأم.

تشخيص تسمم الحمل

يتم تشخيص تسمم الحمل من قبل الطبيب بعد إجراء الفحص البدني أثناء الزيارات الروتينية، حيث تساعد نتائج التصوير بالموجات فوق الصوتية أثناء الحمل، وغيرها من الاختبارات، على اتخاذ قرار بشأن إنهاء الحمل في حالات الطوارئ.  باستثناء حالات الطوارئ، يجب قياس ضغط الدم المرتفع أكثر من مرتين بفاصل 4 ساعات على الأقل، كما يتم قياس إفراز البروتين في البول على مدار 24 ساعة. في حالة عدم وجود بيلة بروتينية، لا يزال من الممكن تشخيص تسمم الحمل إذا ظهرت لدى النساء الحوامل بداية جديدة لأي مما يلي بالإضافة إلى ارتفاع ضغط الدم:

  • فشل كلوي حيث يكون (كرياتينين المصل> 1.1 ملغ / ديسيلتر) أو مضاعفة كرياتينين المصل لدى النساء غير المصابات بأمراض الكلى).
  • ارتفاع ضغط الدم، إذ غالبًا ما يزيد عن 140/ 90 ملم زئبق.
  • وجود البروتين في البول (بيلة بروتينية).
  • زيادة إنزيمات الكبد غير الطبيعية، حيث تكون نسبتها أكثر من ضعف إنزيمات الكبد الطبيعية.
  • انخفاض عدد الصفائح الدموية في الدم (أقل من 100000 لكل مل).
  • ارتفاع مستويات الكرياتينين في الدم.
  • زيادة مستويات حمض البوليك.

اختبارات لتشخيص تسمم الحمل

تشمل الاختبارات التي يجب إجراؤها لتشخيص تسمم الحمل مايلي:

  • فحص الدم: يتم إجراء الفحوصات للتحقق من وظائف الكبد والكلى وكذلك الصفائح الدموية، وهي الخلايا التي تسبب تجلط الدم.
  • فحص بول: سيطلب منك طبيبك حبس البول لمدة 24 ساعة تقريبًا لقياس مستوى البروتين لديك. في هذا الاختبار، يتم قياس نسبة البروتين إلى الكرياتينين في البول.
  • تصوير الجنين بالموجات فوق الصوتية: سيوصي الطبيب أحيانًا بفحص نمو الجنين باستخدام الموجات فوق الصوتية. تسمح الموجات فوق الصوتية للطبيب بقياس وزن الجنين وكمية السوائل في الرحم.
  • اختبار الملف البيوفيزيائي: هذا الاختبار هو طريقة لفحص معدل ضربات قلب الطفل أثناء تحركه. في الملف البيوفيزيائي، تستخدم الموجات فوق الصوتية لقياس التنفس، وتوتر العضلات، والحركة، وتراكم السائل الأمنيوسي في محيط الجنين.

عوامل الخطر في حالة تسمم الحمل

ترتفع عوامل الخطر للإصابة بتسمم الحمل في الحالات التالية:

  • إنجاب أطفال بفارق زمني أقل من سنتين أو أكثر من 10 سنوات.
  • الحمل بتوأمان أو أكثر، أو ما يعرف بالحمل المتعدد.
  • وجود تاريخ عائلي للإصابة بمقدمات الارتعاج.
  • السمنة، حيث تكون مؤشر كتلة الجسم أعلى من 35.
  • الحمل بعمر يزيد عن 35 سنة أو يقل عن 17 سنة.
  • ارتفاع ضغط الدم المزمن السابق.
  • سكري الحمل.
  • حسب العرق: تزداد احتمالية تسمم الحمل عند العرق الأمريكي الأفريقي.
  • وجود تاريخ عائلي للإصابة بمرض السكري، ارتفاع ضغط الدم، أمراض الكلى، الذئبة والتهاب المفاصل الروماتويدي.
  • أمراض الغدة الدرقية.
  • الاضطرابات الخثارية، مثل متلازمة الأجسام المضادة للفوسفوليبيد.
  • الإخصاب في المختبر.

استراتيجيات علاج تسمم الحمل

يلجأ الطبيب إلى استراتيجيات عدة في علاج تسمم الحمل، تبعًا لشدته وبداية ظهور الأعراض، وغالبًا ما تزول مقدمات الارتعاج (بداية تسمم الحمل) بعد ولادة الطفل ونزول المشيمة. ومع ذلك، قد يستمر أو يبدأ فقط بعد الولادة. تشمل هذه الإستراتيجيات مايلي:

  • في الأسبوع 37 من عمر الحمل، يكون الجنين غالبًا ناضجًا بدرجة كافية للعيش خارج الرحم. نتيجة لذلك، قد يخطط طبيبك للولادة حتى لا تسوء حالة تسمم الحمل، إذ تعد الولادة هي الطريقة الأفضل لعلاج تسمم الحمل، يمكن أن تستمر أعراض تسمم الحمل من 1 إلى 6 أسابيع أو أكثر بعد الوضع، إلا أن هذا الإجراء يعطي فرصة أكبر لنجاة الطفل.
  • إذا كان نمو الجنين غير مكتملًا وكان تسمم الحمل خفيفًا، يمكن السيطرة على المرض في المنزل حتى يتطور الطفل ويصبح مستعدًا للولادة، ويتم ذلك من خلال القيام بزيارات متكررة للطبيب للتأكد من أنك وطفلك بصحة جيدة، يرافق ذلك تناول الأدوية لخفض ضغط الدم إذا لزم الأمر.

ملاحظة:

في بعض الأحيان، تحتاج المرأة الحامل، المصابة بمقدمات الارتعاج، إلى دخول المستشفى. إذ يمكن أن تتغير شدة تسمم الحمل بسرعة، لذا عليك توخي الحذر الشديد واللجوء لفريق طبي يساعدك في تجاوز الحالة من خلال:

  • المراقبة الدقيقة للأم والجنين في الأسابيع الأخيرة من الحمل. كما يجب الإستمرار في تقييم حالة الأم بشكل دوري بعد أسبوع إلى أسبوعين من الولادة، ففي حال بقي ضغط الدم مرتفعاً لمدة 6 أسابيع بعد الولادة، فقد تكون المريضة تعاني من ارتفاع مزمن في ضغط الدم وينبغي مراجعة الطبيب لإدارته.
  • بمجرد تشخيص تسمم الحمل أثناء الحمل، يجب وصف كبريتات المغنيسيوم لمنع تكرار النوبات. وفي حال كان تسمم الحمل مع أعراض شديدة يتم إعطاء كبريتات المغنيسيوم لمدة 24 ساعة بعد الولادة.
  • وصف الأدوية للسيطرة على ضغط الدم والوقاية من النوبات والمضاعفات الأخرى.
  • حقن الستيرويدات القشرية للأمهات تحت 34 أسبوعاً من الحمل للمساعدة في تسريع نمو رئة الجنين.

مضاعفات تسمم الحمل على الأم والجنين

مضاعفات تسمم الحمل على الأم والجنين

إذا لم يتم تشخيص تسمم الحمل والسيطرة عليه، فيمكن أن يحدث عدد من المضاعفات التي يمكن أن تؤثر على صحة كل من الأم وجنينها.

مضاعفات تسمم الحمل على صحة الأم:

تموت واحدة من كل 50 أم بسبب تسمم الحمل. يمكن أن يختنق الأطفال غير المولودين أثناء النوبة، ويموت طفل واحد من بين كل 14 طفلًا.

نوبات تشنج شديدة:

إذ قد تعاني الأم من حركات لا إرادية متكررة وسريعة في الساقين أو الرقبة أو الفك مما قد يفقدها وعيها أحيانًا. عادة ما تستمر النوبات أقل من دقيقة. وفي حين تتعافى معظم النساء تمامًا من تسمم الحمل، إلا أن هناك خطرًا من الإصابة بإعاقة دائمة، أو تلف في الدماغ إذا كانت النوبات شديدة.

متلازمة هيلب HELLP:

 هو اضطراب نادر في الكبد وتجلط الدم يمكن أن يؤثر على المرأة الحامل. غالبًا ما يحدث فور الولادة، ولكن يمكن أن يحدث في أي وقت بعد الأسبوع العشرين من الحمل، وفي حالات نادرة حتى قبل 20 أسبوعًا. يُحتمل أن تكون متلازمة HELLP خطيرة مثل تسمم الحمل وأكثر شيوعًا بقليل. الطريقة الوحيدة لعلاج هذه الحالة هي الولادة في أسرع وقت ممكن.

السكتة الدماغية:

 في حالة ارتفاع ضغط الدم، قد يحدث نزيف دماغي مسببًا السكتة الدماغية.

اضطراب تخثر الدم:

 يتعطل نظام تخثر الدم لدى الأم، مما يتسبب في حدوث تخثر، منتشر داخل الأوعية (DIC)، ونزيف مفرط.

مشاكل أخرى بالأعضاء:

  • فشل كلوي.
  • الوذمة الرئوية، والتي توقف عمل الرئتين، بشكل صحيح، عن طريق تعطيل امتصاص الأكسجين.
  • تليف كبدي.

مضاعفات تسمم الحمل على صحة الجنين:

يعد بطء نمو الأجنة أحد أبرز مضاعفات تسمم الحمل، وذلك بسبب انخفاض كمية العناصر الغذائية والأكسجين المنقولة من الأم إلى الطفل، خاصًة إذا حدثت تسمم الحمل قبل 37 أسبوعًا من عمر الحمل.

يمكن أن يؤدي تسمم الحمل، أثناء الحمل أيضًا، إلى انفصال المشيمة فجأة عن الرحم، مما يؤدي أحيانًا إلى ولادة جنين ميت. حيث تشير التقديرات إلى أن حوالي 1000 طفل يموتون كل عام بسبب تسمم الحمل. تعود معظم هذه الوفيات إلى المضاعفات المتعلقة بالولادة المبكرة.

الوقاية من تسمم الحمل

لا توجد طريقة محددة لتجنب الإصابة بتسمم الحمل، لذا تعد المراقبة الدورية لوضعك الصحي أثناء فترة الحمل أفضل خيار لإكتشافه مبكرًا بمساعدة الطبيب، ففي حال اشتباه طبيبك أنك معرضة لخطر الإصابة بمقدمات الارتعاج، فقد يوصي بالتالي:

  • تناول جرعة مخفضة من الأسبرين يوميًا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، أو في وقت مبكر في الثلث الثاني من الحمل.
  • تناول مكملات الكالسيوم يوميا أيضًا، في حال أظهرت تحاليلك نقصًا في الكالسيوم.
  • وجوب فقدان الوزن إذا كنت بدينة.
  • ضرورة الإقلاع عن التدخين.
  • أداء التمارين الرياضية بشكل منتظم.
  • ضبط ضغط الدم أو السكر في الدم بطرق طبية أو طبيعية.

في النهاية

قد يسبب تسمم الحمل الوفاة في حال لم تتخذ الإجراءات الضرورية من قبل الطبيب المختص، لذا ينصح باستشارة الطبيب فور ظهور أي عرض من الأعراض التي سبق ذكرها. وتعد المراقبة الدورية لحالتك الصحية أثناء الحمل أفضل خيار.

المصادر

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله